Pages

Friday, April 22, 2011

أبو مازن وعيزرائيل والانتفاضة الثالثة



حكايات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم 23
سعيد الغزالي – القدس المحتلة

يتمختر أبو مازن على سطح فيلته المحروسة بقوات حرس الرئيس في مدينة رام الله ليلا ويتأمل النجوم. وتخيلت أنه كان يقول بصوت خافت:
سلام وسكون
الليل سكون
المفاوضات ساكنة
النجوم ساكنة
الناس في قبورهم ساكنون
الناس هادئون
الناس صامتون
الناس يعلمون أنهم في حال سكون
الناس لا يعلمون أنهم في حال سكون
تساءل الرئيس: هل يعلم أحد منكم أنه يعلم؟
ولما سمعت سؤاله، قلت له: أنا لم أعلم. لم أنتظر حتى يجيبني ابتعدت عنه كالشبح، وتركته يتمتختر ويتأمل النجوم ويحلم بالسكون. لم يعلم أن السكون سيصيبه بجلطة قلبية. وهذه مسألة تحتاج إلى شرح وكلام كثير. فاصبروا يا أيها القوم على قراءة 1101 كلمة.
لو علمت أن أبا مازن رجل سلام، لما كتبت هذه المقالة، ولكنني كتبتها، لأنني لا أعلم. ولما انتهيت من كتابتها علمت، وفهمت لماذا نحن في سكون. فماذا علمت؟ وماذا فهمت؟
الله وحده يعلم، وكلنا نعلم أن علمه محيط، الله يعلم بأن إسرائيل تعلم بما يجول برأس أبي مازن.
وأمريكا كدولة عظمى لها اهتمامات وعلاقات بالمنطقة، يفترض أنها أول من تعلم.
ولا يغيب العلم عن دولة قطر الشقيقة المشاغبة بنعومة. ويعلم كذلك رئيس المجلس العسكري الأعلى في مصر الذي يمتطي صهوة الفيل العربي الكبير.
يعلم أبو المراجل سعد الحريري، رئيس حكومة التصريف في لبنان الذي يستعد للإنصراف إلى منزله.
يعلم المحنط ابن المحنط، حفيد المحنط الملك عبدالله.
يعلم الفتى الضليع باللغة العربية المكسرة الملك أبو حسين.
كلهم يعلمون ويتصرفون كأنهم لا يعلمون، ولكن لا يرقى الشك إلى أذهانهم بأن أبا مازن رجل يكره الحرب ويحب السلام.
ويعلمون أيضا ولا يشككون بأن أبا مازن يستطيع أن يسمح وألا يسمح بوقوع امور كثيرة في فلسطين، سواء يأخذ الضوء الأخضر أو لا يأخذ الضوء الأخضر من جميع الذين يعلمون أو بعضهم.
أنا لا أعلم بمسألة الضوء الأخضر، ولا يؤبه لرجل مثلي، يدعى حنكشتيكا إن علم أو لم يعلم. إن كان حنكشتيكا لا يؤبه به ولا بعلمه، فمن المؤكد أنه لا وزن ولا ثقل لعلم حماره، فإن علم حنكشتيكا أو حماره، يبقى علمهما في الصدر مكتوما، وإن لم يعلما، لا احد يعتب على حمار وصاحبه.

ولكن ما هذا الشيء الذي أتعب هذه الدول، وجعلها "تتمحمص" أو تتقلى في المقلاة؟

في تصريحه السابق الذي أثار ضجة، لكنها كانت زوبعة في فنجان، أو فقاعة صابون، سمح أبو مازن لنفسه أن يتحدى إسرائيل بقوله إنه سيتصالح مع اسماعيل هنية في غضون يوم أو عدة أيام، ولكنه لم يتصالح معه بعد مرور أكثر من شهر، هو يسمح الآن لنفسه ان يعلن أنه لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة، ما دام قلبه ينبض بالحياة.

إذن فهو رجل سلام ولكنه لن يتوانى عن استعمال العنف ضد شعبه، إن انتفض الشعب واستخدم العنف النضالي ضد الإحتلال. ولكن يجب ألا نظلم الرجل، ونوسع صدورنا ومداركنا لنفهم ما يدور في عقله.  

عندما اندلعت الانتفاضة الثانية، لم يكن أبو مازن صاحب القرار في اندلاعها، لأنه لم يكن جالسا على الكرسي الذي يصنع الجالس عليه القرار، واندلعت الانتفاضة رغما عنه، ولما آلت الأمورإليه فيما بعد، وصفها بأنها انتفاضة سلاح وعسكرة. لذلك يفترض بإن تصريحه الأخير ينسجم مع توجهاته السلمية أو الاستسلامية، فهو بحق وحقيق، رجل سلام أو استسلام.
لذلك أيضا لم يستغرب الرؤساء والملوك العرب أو يردوا على تصريحه. وكأن الأمر لا يعنيهم وهو لا يعنيهم، ولكن يعنيهم أن يشاركوا سراً أبا مازن سلامه أو استسلامه.  لم يندهشوا، لم ينصعقوا، لم يغضبوا، لم يعلقوا، لم يقولوا شيئا عندما سمعوا تصريحه الأخير الذي أكد أنه لن يسمح باندلاع الإنتفاضة الثالثة ما دام قلبه ينبض بالحياة.

أبو مازن كسلفه أبي عمار، يحب أن يضع القادة العرب في الصورة، فيخبرهم بما جرى في فلسطين، وهم يعرفونها من مصادرهم، ولكنهم يستقبلونه، ويستمعون إلى حديثه، ثم يتركونه يذهب دون أن يشفوا غليله، بقول أو بتصريح قد يرده إلى صوابه. كأن يقولوا له: العينين عينيك. إذا الشعب الفلسطيني أراد، فنحن نريد.
لأن أبو مازن لا يريد، والرؤساء والملوك العرب لا يريدون، فإنهم يمغطون الكلام ويخضونه خضا شديدا، ولا تنتج الزبدة من خضهم. ورغم ذلك، وخوفا أن تتدهور الأمور، ولا سمح الله تقع مصيبة، فلا يتحملها وحده، يخض أبو مازن الكلام  معهم.

 ولو سأل أبو مازن المحنط عن رأيه بما صرح به، سيقول نفط بن الكعبة في العلن: إن الانتفاضة وأي شيء يقررها الأخوان في فلسطين هو شأنهم ، ونحن ندعم، إن جنح الإخوة إلى السلم، فعلى بركة الله، وإن جنحوا إلى الحرب، نقول لهم الله يعينكوا عا مصبتكوا.
يضيف الملك لأبي مازن: عافاك الله، يا نشمة. إحنا ما نريد نفتح جبهة جديدة، يكفينا ها الثورات اللي ساطلتنا.
وأما الضليع باللغة العربية المكسرة، فإنه يقول لإبي مازن: اعملوا اللي تريدون وابعدوا عن الأردن. وليكن معلوما للجميع أن الاردن ليس الوطن البديل.
اختصارا للوقت، وحفاظا على روح الدعابة، قررنا أن نلغي التصريحات العلنية، لئلا نصاب بسمة البدن، فنقتصر على الأقوال التي لا تقال ولكنها تعشش في منطقة اللاوعي.   
بعد العبدين العبد الكبير والعبد الصغير، يحيل المتصرف اللبناني، الإجابة إلى الرئيس ميقاتي المكلف بتشكيل حكومة لبنانية متوازنة، لكن ميقاتي يؤجل التعليق على هذا الأمر إلى ما بعد تشكيل الحكومة حتى لا يختل التوازن.
يرد النوبي بلغة أهل النوبة التي لا يفهمها العرب، ويشير بإصبعه الوسطى. فيفهم أبو مازن من إشارة الإصبع بأنه يقول له: سيب مصر بحالها. مصر عندها مليون مشكلة وبلاش ندخل في مسار غير محمود.  
النتن يبتسم بخبث ويقول: ضعيف. أبو مازن لا يقدر أن يمنع انتفاضة ثالثة، ولكن جيش الدفاع الإسرائيلي سيرد بعنف على أي إخلال بالأمن.   
يربت اوباما على كتف أبي مازن، ويقول له: "غود بوي" أنت ولد جيد، رجل سلام، مثل شارون تماما.
سيتمتع الشعب الفلسطيني بعد ذلك بالسلام، إلى أن يرسل الله عيزرائيل فيقبض على روح الرئيس، وفي اللحظة التي يقبض عيزرائيل عليها، تندلع الإنتفاضة الثالثة. وسيحدث ذلك إن شاء الله بعد عشرين أو ثلاثين عاما أخرى، الله يطول عمر الرئيس حتى ينعم الشعب خلالها بحياة رخية نشطة، واقتصاد رخي نشط، واستيطان غني نشط.
سيتمتع الشعب بالسكون والسكون راحة، وهو ما يحرص عليه كل فلسطيني. وكل فلسطيني هو إنسان، وسمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى، والنسيان نعمة وهبها الله للإنسان الضعيف، وأبو مازن، كما يقول النتن، إنسان ضعيف، لكنه يستطيع أن يمنع الانتفاضة الثالثة، فلديه ستة آلاف فرد من أفراد القوات التي دربها الجنرال دايتون، وأحد هؤلاء، يعمل يومين في الشهر في حديقة منزلي، ويقبض مني ثلث راتبه الذي يتقاضاه في قوات دايتون.
سألته: هل ستطلق النار على المتظاهرين إن أُمرت أن، تفرقهم أو تقتلهم وتقمع الانتفاضة الثالثة؟
قال: سأنضم إليهم.
اذن، كيف يقدر أبو مازن ألا يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة؟
نعم يقدر، لأن عكس الضعف قوة، والقوة تتنوع وأهم أنواعها  قوة الإرادة وقوة العزيمة، والعزيمة تختلف من شخص لآخر، فبعضنا يعزم صديقه على ساندويش مفاوضات مكون من شاطر ومشطور وبينهما فلافل محروق وبندورة مخمجة. وبعضنا يعزم الصديق على صحن مهلبية مصنوعة من النشا وحليب الجنيدي، والحليب من العنز، والعنز مشتق من عنزات، والعنزات يتربربن وويتلظلظن في مدينة الخليل، وقد اشتراها الجنيدي من مزرعة في الجليل، ومنطقة الخليل في الجنوب والجليل في الشمال، وبينهما جدار وأسوار وحواجز عسكرية، لمنع وحجز وقمع انتفاضة ثالثة. وعليه، فإن أبا مازن لا يثق بجيش دايتون المفدى، ولكنه قد وضع ثقته العمياء في العنزات الأمنية الإسرائيلية. والعنزات من الأسماء المؤنثة، مفردها عنزة، والذكر من العنز يدعى تيس، وهناك تيوس كثيرون بين صفوفنا، وصفوفهم، لا فرق بين رئيس وآخر في التياسة، أحدها التيس الأكبر، والتيس الأكبر له زوجه أي إمرأة، وجمع المرأة نساء والنساء ناقصات عقل ودين ويحببن شيئين: السوق والماكياج. والماكياج اختراع من الاختراعات المهمة، وإلهام من الله وهبه للرجال، لينظروا في وجوه نسائهم في الصباح الباكر، بعد صولات الليل، الذي أخفى القباحة، فلا تظهر إلا في الصباح، والمشاهدة تسبب مغصا في البطن، وانكشاحا مزاجيا، فيتعكر الفكر، ويصاب المرء بصدمة عاطفية جافة، والصدمة قد تسبب جلطة، وقد يكون المشاهد أبو مازن، فيأتيه عيزرائيل سريعا، وتندلع الانتفاضة الثالثة.   
   



0 comments:

Post a Comment