Pages

Wednesday, April 20, 2011

مقالة هامة جدا عن دكتاتور فلسطين


مقالات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم 21
سعيد الغزالي- القدس المحتلة
هل الرئيس الفلسطيني دكتاتورا؟ 
المقصود من السؤال هنا طبعا الرئيس أبو مازن. واسمه محمود عباس.
يمكن تعميم السؤال على كل رئيس وملك عربي، وأسماؤهم تثير الرعب والتقزز في قلوب ونفوس أكثر من 338 مليون عربي.  
يجب مراعاة الإختلافات والظروف بين زعيم وآخر.
لا شك أن رئيسنا أقل دكتاتورية من بقية الرؤساء والزعماء العرب، ليس لأنه أفضل منهم، بل لأن ظروفه لا تسمح له أن يمارس صلاحياته في التسلط والتحكم  بنسبة مئة بالمئة. فهو محدود الصلاحيات، إسرائيل هي الدكتاتور الفعلي التي تمارس دكتاتوريتها عليه وعلى نظامه وعلى الشعب الفلسطيني. لذلك خسر المسكين خمسين بالمئة على الأقل من صلاحياته، ولكنه لا يزال يمارس بقية الخمسين بالمئة على الشعب.
على أية حال، لا يزال البعض يزعم أن رئيسنا ليس دكتاتورا. ومن هنا، وضعنا مقياسا للنظام الدكتاتوري، ينطبق على كل دكتاتور في العالم، فإن انطبقت عليه، فرئيسنا يصبح دكتاتورا، ناقص صلاحيات الخمسين بالمئة. إذن، فالمعركة ضد الإحتلال هي معركة لاستعادة الخمسين المئة من صلاحياته وتسليمها للدكتاتور.
أي وضع جميل ومفيد لإسرائيل هذا الذي نعيش فيه. من هنا اكتشفت أن إسرائيل دولة غبية. لو كنت مكانها، لأعطيته هذه الصلاحيات، وقلت له: عف عني، ودبر امورك.  
فلننظر في الأمر، لنرى إن كان رئيسنا دكتاتورا ولو كان ذلك في حدود نسبة الخمسين بالمئة.
يعتمد النظام الدكتاتوري عادة على حثالة من الأشخاص الذين استغلوا قدراتهم ومؤهلاتهم العلمية والفكرية للإفادة من النظام وتثبيت أقدامهم فيه. وفي نهاية الأمر، وجد هؤلاء أنفسهم جزءا من النظام فعملوا على تثبيته، لأن ذهاب النظام يعني ذهابهم.  هذا ينطبق على النظام الدكتاتوري لدينا، فهناك حثالة وهناك بطانة، وهي تسيطر على السياسة والإقتصاد والأمن والإعلام، ضمن الصلاحيات المتوفرة لها من قبل إسرائيل. صحيح أن هناك بعض الشخصيات، هنا وهناك، تعارض الدكتاتورية ولكنها أصوات محدودة ومعزولة ومهمشة، ومضطهدة.
من المعروف للقاصي والداني، أن النظام الدكتاتوري لا يولي أية أهمية للإنسان ولا لحقوقه ولا لحريته، لذلك يتصرف أزلام الرئيس من منطلقات دكتاتورية تعتبر ما يقوله ويعتقده كلاما منزلا من رب العالمين، وعليهم أن يقولوا وعلى الناس أن يسمعوا ويطيعوا، وعليهم أن يقرروا وعلى الناس أن تنفذ.
وهؤلاء لا يعيرون انتباها للأشخاص المتفانين في خدمة الوطن، بل يسيموهم سوء العذاب ويلاحقوهم بالسجن والإرهاب والتشريد وحتى القتل. في المقابل، يرفعون مقامات أتباعهم وأزلامهم العاجزين الفاشلين الذين يغطون فشلهم بكيل المديح للزعيم.
لا يمتلك النظام الدكتاتوري خطة مدروسة ومتماسكة تهدف إلى تطوير الوطن والنهوض فيه، ولا يسعى إلى امتلاكها، بل يعتمد على خيال الدكتاتور وتصوراته. أين الخطة الفلسطينية السياسية المدروسة؟ أين الخطط الإقتصادية التنموية التربوية التثقيفية والنهضوية؟ لماذا لا يجري تفعيل قدرات الشعب، والإفادة منها في مواجهة الإحتلال، ليس بالضرورة أن تكون المواجهة عسكرية، بل يمكن أن تكون مواجهة سياسية واقتصادية وتنموية ونهضوية واحتجاجية سلمية.
الدكتاتور لا يعتمد على شعبه في توطيد أركان حكمه، ولكنه يعتمد على الفاسدين والمنتفعين في الداخل وعلى الولايات المتحدة والرباعية وإسرائيل وأسقط القدرات والكفاءات من حساباته.
والدكتاتور لا يثق بأحد، لذلك يعتمد على الجواسيس الذين يزرعهم في الوزارات والمؤسسات والجامعات والمصانع والورش وحتى المقاهي في الشوارع. والوشايات التي تصل إليه تهلك معارضيه او منتقديه. إن الدكتاتور نادرا ما يصارح شعبه بشيء، وهو يخفي الحقيقة عن شعبه الذي يحتقره. ويقبل لنفسه أن يخدم أجندات معادية للشعب وآماله وطموحاته.
كم مرة سمعنا رئيسنا يتحدث بصراحة عما يجري وراء الكواليس؟ كم مرة قال لنا إنه يتعرض لضغوطات سياسية من الولايات المتحدة أو إسرائيل تمنعه من التصالح مع الشعب في غزة والشعب في الضفة الغربية أيضا. وقد رأيناه كيف انه استرجل وأعلن استعداده للذهاب إلى غزة وتراجع. (انظر المقالة الساخرة المنشورة يوم أمس).
غير مسموح إطلاقا، لأي شخص حتى ولو كان إنسانا عاديا أن ينتقد الدكتاتور، وإن وجد مثل هذا الشخص، وفعلها، فإن الجن الأحمر لن يعرف مكانه. يفرض على المواطن أن يكرر ما تقوله أبواق الدكتاتور في أجهزته الإعلامية فقط. وأما من يطمح من الإنتهازيين أن يقترب من البطانة السامية، فعليه أن يدرب نفسه على أن يبوس الكنادر، ويلحس المؤخرات، ويمرغ جبهته في الطين، ويتذلل على أعتاب أصغر موظف يعمل في إحدى مؤسسات الدكتاتور.
كم عدد أؤلئك الذين يمتلكون كفاءات أكاديمية وعلمية وأدبية وإعلامية ومهنية وجدوا أنفسهم على الرصيف يسفون التراب، لأنهم لا يتقنون فن بوس الكنادر ولا لحس المؤخرات؟  
الدكتاتور لا يحب المناقشة. فلو أحس الدكتاتور أن وزيرا أو موظفا كبيرا أو مسؤولا أمنيا يعترض على شأن ما، فإنه يدفعه إلى الاستقالة فورا، دون أن يستمع إلى رأيه، بل إن حاول شرح وجهة نظره لإحدى الوسائل الإعلامية فسينال جزاءه نفيا وسجنا وتشهيرا واختفاءً. يجب أن تكون ضمائر  موظفي الدولة وخصوصا إعلامييها ميتة كضمير الدكتاتور حتى يستمر في حكمة المطلق.
الدكتاتور بعيد عن الناس، ولا يعرف ماذا يقولون أو يفكرون، وهو لا يعرف أوضاعهم وحالتهم النفسية، ولم يقترب أبدا منهم، بل يتعامل مع شعبه بطريقة مزاجية معززة بتقارير ووشايات الجواسيس.
الدكتاتور لا يتنازل لشعبه أبدا بالتحدث عن همومه، ولو مرة في العام، بل يرى الشعب عدوا له، ويعد العدة لقمع أي تمرد عليه. والدكتاتور في لقاءاته مع ممثلي الدول الكبرى لا يخجل على نفسه، فيحرض على شعبه.
لدينا نماذج كثيرة من القمع والتحريض ضد الشعب.
لا يمكن أن يتوقع الشعب أي شيء حلو يقدمه الدكتاتور لشعبه طواعية، ولكنه قد يجبر على تقديم "تنازلات صورية" للشعب، تحت الضغط، وبعد أن يكون قد أثخن في قتل شعبه. الحزب السياسي التابع للدكتاتور هو حزب من الجواسيس، الجاسوسية هي عنوان كل شيء وكل نشاط. هناك جواسيس الدكتاتور الذين يتجسسون على الأمين العام للحزب، وبقية الكوادر يعملون جواسيس على بعضهم بعضا. ومهمة الحزب الأولى والوحيده هي التجسس على الشعب.
في الدول الأخرى هناك حزب واحد، لدى دكتاتورنا ثلاثة عشر حزب وفصيل، يسمون أنفسهم فصائل منظمة التحرير، شغلهم الشاغل كيل المديح للدكتاتور والمحافظة على الميزانيات المخصصة لهم، لكونهم أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية.
طريقة التطوير في التعليم والإدارة وكافة شؤون الحياة لدى الدكتاتور تتمثل في سرقة نماذج أجنبية وتطبيقها استعباطا وبالقوة على المجتمع، لأنه يرى فيها النموذج الأفضل واحدى نتاج عبقريته وإبداعه.
الدكتاتور يتوقع من أتباعه وخدامه وجزمه البشرية أن يعملوا لديه ومن أجله وأبنائه وعائلته وعشيرته ليل نهار، وفي أيام العطل والأعياد. ولا يقدم لهم أي شكر على إخلاصهم وتفانيهم.
يحبط الدكتاتور المفكرين والمثقفين والمبدعين، ويجعلهم يتركون الوطن ويولون الأدبار هروبا من ضغوطاته عليهم، فخياراتهم محدوده جدا: إما أن يبقوا عبيدا لمزاجياته أو ينكل بهم، أو على الأقل يهمشون. فإن تكلموا وانتقدوا تلصق بهم التهم. لا أرغب أن أذكر في هذه المقالة أمثلة وما أكثرها، ولكني من المؤكد انني سأذكر أمثلة كثيرة عن هؤلاء الثوار المجهولين الذين حوصروا في حياتهم ومعيشتهم، لأنهم رفضوا أن يعملوا ضمن النظام الدكتاتوري ووفق قيوده وتحت سكاكين ظلمه.  
منابر الحوار لدى الدكتاتور هي القوة والقوة والقوة. لذلك زاد عدد الأجهزة الأمنية لدينا عن ثلاثة عشر، ولو ضمت وجمعت في ثلاثة أو أربعة. إن طريقة التعبير عن الرأي في الدولة الدكتاتوريه هي أن تقول "أنا أؤيد فقط".
مكاسب الدكتاتور العظيمة هي في حفر قبور جماعية للشعب. أقل كلمة يمكن وصف خطابات الدكتاتور  بأنها زفت. دكتاتورنا أعطانا الكثير من تصريحات الزفت، وأخفى علينا الكثير من التنازلات التي قدمها لإسرائيل.
بعد كل ذلك، هل بقي شك بأن دكتاتورنا ليس دكتاتورا.

0 comments:

Post a Comment