Pages

Sunday, April 17, 2011

لولاهم


لولا أمثال خالد سعيد والبوعزيزي الذين زهقوا من عصرهم البليد وانتصروا لأنفسهم ولشعبهم في آخر لحظة، وبدأوا يلعبون لعبة المقاومة والنصر، لولا القبس المتوهج في نفوسهم.
لولاهم، وقبلهم عشرات الإلوف بل مئات الإلوف بل الملايين الذين استشهدوا في أقبية السجون ومدن الصفيح والمقابر، لولا الإحتراق والقفز في آتون النار والصهر حتى العظم، لم تخرج الطاقات الكامنة من عقالها لتشكل عالمهم الجديد.  
لولاهم كاد المواطن العربي أن يتحجر في مستحاثات الزمن الطباشيري، أن يسقط من الجغرافيا والتاريخ، والحسابات السياسية الدولية، ونشرات الأخبار.
كاد المواطن أن يعيش حالة من حالات انعدام الوزن، ريشة في مهب الزفت، مواطنا من الدرجة المليون، شخصا تافها بلا كرامة، واحدا من ملايين المهزومين، كاد أن يسقط في كل مجال ومجال، أن يصبح نكرة، وأن يفقد إنسانيته.
لولاهم كاد المواطن العربي أن يصبح ذرة تافهة في صحاري العرب الكبرى، أن يصبح  nothing، حشرة تدوسها أقدام الدناصير الدولية الكبرى، ولا يصدر عنه إلا الولولة والأنين في هذا العالم العربي الذي عاش عقودا طويلة تحت أحذية أبناء القحبة.
احتج خالد سعيد، وكشف فساد الشرطة، وقتل مقاوما، وأحرق البوعزيزي نفسه احتجاجا على مأمور السوق واستشهد مقاوما، لأن من لم يحتج، لأن من لم يقاوم، يفقد إنسانيته.
 لولاهم كاد حنكشتيكا أن يقرأ سورة الفاتحة، ويترحم على أرواح الـ 338621469 نسمة، سكان الوطن العربي الكبير، وأن يدعو الزعماء العرب إلى حفل تأبين شعوبهم، فيعتذرون عن الحضور لإنشغالهم بأمور المفاوضات مع إسرائيل. 

0 comments:

Post a Comment