Pages

Tuesday, April 5, 2011

حنكشتيكا يؤسس نقابة للكذابين

الثلاثاء 5-4-2011
من مقالات حكايات حنكشتيكا
حلقة رقم: 3
فلسطين
هذه مقالة نشرت في عدة مواقع يوم 25-3-2005
نعيد نشرها للتعريف بحنكشتيكا وتذكير القراء بكتاباته، وتوطئة لكتابة مقالة ساخرة عن رغبة حنكشتيكا تأسيس "الحزب القومي الديمقراطي" كجزء من نشاطاته لبدء ثورة ناعمة مضادة تهدف إلى حرف الثورات الشعبية في العالم العربي عن مسارها. الحزب القومي الديمقراطي ليس إلا صورة أخرى لنقابة الكذابين التي أسسها حنكشتيكا عام 2005. وما الفضائح والتنازلات السياسية التي نشرتها قناة الجزيرة في أواخر عام 2010 إلا برهان على عالم الكذب الذي يطحننا رحاه.
بقلم الكاتب سعيد الغزالي

لماذا لا يؤسس حنكشتيكا نقابة للكذابين؟
لا شك أنها فكرة رائعة خطرت ببال حنكشتيكا كخطوة لاصلاح المجتمع من المفسدين. سيطلق عليها اسم نقابة الكذابين للاصلاح،  ستكون النقابة الاكبر في العالم العربي بل الدولي أيضا.. وشروط عضويتها هو الاعتراف فقط بارتكاب كذبة واحده، وهي نقابة تقبل أعضاءا من الرجال والنساء، وكل الجنسيات والقوميات والديانات.  
 من منا لم يكذب ولو لمرة واحدة في العمر!
يعني هذا أننا جميعا مؤهلون للعضوية فيها. وقد تكون النقابة الاولى في العالم التي يعترف أعضاؤها بالكذب طواعية دون خوف من المحكمة أو عذاب في الآخرة. لو أن الرؤساء الذين شنوا الحروب كانوا اعضاء في النقابة، واعترفوا بكذبهم، لانقذنا حياة الملايين من البشر. لا يمكن لنا كذلك أن نحصي تريليونات الدولارات التي انفقت على اسلحة الدمار، كان يمكن استخدام هذه الاموال في مشاريع مفيدة للبشرية.
لو ان الزعماء العرب كانوا أعضاء في النقابة، لانقذنا الامة العربية من ضياع ستين عاما من الفساد السياسي والمالي والخراب الفكري. لما كنا بحاجة إلى ثلاثين قمة عربية كاذبة، ولا إلى 22  دولة فاشلة، ولا إلى ستين لهجة وملة وعرق.  لن تزدهر بين صفوفنا مجموعات المتطرفين، ولا عصابات المافيا الاقتصادية التي سيطرت على الحكم. لن تصل البطالة إلى أعلى مستوياتها، لن ينخفض الانتاج إلى أدنى مستوياته، لن تكون السجون بديلا عن المصانع والمزارع. لن تنتشر مدن الصفيح كالبكتيريا حول المدن، لن تندلع الحروب الاهلية، ولا الصراعات العرقية.
لو كانت لدينا نقابة للكذابين يعترفون فيها باكاذيبهم، لن نكون بحاجة إلى رجال دين يدعون أنهم الصلة بيننا وبين الله، ولن نكون بحاجة  قوات للشرطة، واجهزة سرية للمخابرات، ومستشفيات كثيرة لعلاج مصابي الحروب وعيادات للصحة النفسية، ولا إلى مراكز إصلاح الشباب ومكافحة الجهل والفقر.
ورب معترض يقول ان الحروب ستشتعل  أيضا بسبب الاعتراف بالكذب، ولكن الشرور الناجمة عن الاعتراف بالكذب تقل كثيرا عن الشرور الناجمة عن اقتراف الكذب.
الكذابون وهم الاكثر انتشارا لا ينخرطون في أي نقابة خاصة بالكذب، لانهم يدعون الصدق، ولو كانوا صادقين لهرولوا للانضمام للنقابة منذ أن كانوا أطفالا. فالكذب يبدأ من سن الطفولة، والكبار يشجعون أطفالهم عليه، معتقدين انه سيحميهم من قهر السلطان وظلم المجتمع ويملأ أمعائهم الخاوية، ويضمن لهم مستقبلا كزعماء كذابين للمجتمع.
  قد يزعم البعض ان هذا ليس أكثر من وقاحة كلامية، ولكن حنكشتيكا يعتقد ان هناك مصداقية لهذا الكلام.
ألا نعترف باكاذيبنا اضطرارا. ألم نعترف احيانا بهذه الاكاذيب أمام رجال الدين طالبين الشفاعة، او أمام القضاة في المحاكم، الا ترصد صحف كثيرة الكذب الذي تمارسه الشخصيات النجومية على صدر صفحاتها. إننا نكذب كل  يوم، ونبرر أكاذيبنا. فلماذا لا يؤسس حنكشتيكا نقابة للكذابين.
 الشعراء، المؤرخون، الرؤساء، الصحافيون، الباحثون، منظمو استطلاعات الرأي يكذبون. إن كل نقاباتنا ومؤسسات المجتمع المدني تحمل  واجهات كاذبة: مثل مؤسسات الديمقراطية ..الحوار.. التسامح...الوحدة ..الحريات الانسانية.. حقوق الطفل.. المرأة – وبرغم وجود هذه المؤسسات بالمئات والالاف – لا توجد ديمقراطية، ولا حوار، ولا تسامح، ولا وحده، ولا حريات، ولا حقوق. سنضم كل هذه المؤسسات إذن لنقابة الكذابين.. وقد يتفرع عنها مؤسسات اخرى مثل منظمة الكذابين لنشر الصدق والديمقراطية، واللجنة العالمية الكاذبة للحوار الاممي بين الاديان، والهيئة الوطنية العليا للافتراء الاهلي.
لا تقتصر ممارسة الكذب على شعب دون آخر، ولا على رئيس دون آخر، كلهم يكذبون. والكذب لا يرتبط بمكان ولا زمان، إنه موجود في كل قصة وقصيدة شعر ومقالة صحفية، في كل خطبة في صلاة جمعة وصلاة قداس الاحد، في كل محاضرة تهريج عن الوحدة والقومية، في كل مؤسسة ترفع راية الاصلاح، وكل حزب سياسي يتقن فن الرقص الكلامي واستخدام الجراح القومية، والهزائم والنكبات المستديمة من أجل المنفعة الشخصية.
أعضاء النقابة ليسوا من أوباش الشعب، وليسوا من المجرمين، ورواد السجون، لم يرتكبوا مخالفات قانونية ظاهرة، بل إنهم من الزعماء البارزين المميزين، اعضاء السلك الدبلوماسي، القاده العسكريين، المحلليين السياسيين الناطقين الرسميين لمؤسسات الكذب الرسمية. وهؤلاء لديهم القدرة على الجمع بين الاضداد. يؤمنون بالعنف والسلام، بالسيادة والاستسلام، بالتمرد والخنوع. يفعلون عكس ما يقولون.
ألم يرسلوا الجنود إلى ميادين المعارك محملين بالقصائد والاناشيد والبطولة، وعندما يسقطون، ينعتونهم بالشهداء، ثم يضاجعون زوجاتهم  وبناتهم، ويعتقلون أبنائهم، وينفون ما تبقى من عائلاتهم.
هؤلاء الكذابون الذين ارتفعت مراتبهم في النقابة واصبحوا من حملة الاوسمة والنياشين لديهم قدرات كبيرة في مجالات الخطابة حول المقدسات، المحرمات، الخطوط الحمراء، الثوابت الوطنية، حق عودة اللاجئين، تحرير القدس، الاقصى، كنيسة المهد، القيامة، وفي أول فرصة متاحة ينقضون على هذه الحقوق.
أليس هؤلاء هم المتشدقون بمبادىء حرية المرأة، بينما يعتقلون زوجاتهم في غرف النوم.          
ليس هناك حاجة إلى فلسفة  الكذب.
سيكون للنقابة أرشيف ضخم ضخم من المعلومات المليئة بأطنان من الرياء والنفاق في  عشرات الالاف من الكتب والدراسات. ستمتلك النقابة خبرات كبيرة في الانشاء والتنظير، نتاج مئات وآلاف الاحزاب، ومئات آلاف الاعلاميين، وما اكثرهم في هذا الوطن العربي. ستتمكن النقابة من تصدير خبراتها إلى مختلف أنحاء العالم.
وحنكشتيكا يحق له ان يكون رئيسا لهذه النقابة. لقد ابتدع نفسه بنفسه. وكتب عن نفسه ووصفها بالبطولة. وصل إلى سدة الحكم، وترقى بسرعة في النقابة من عضو بلا نياشين ارتكب كذبة واحده إلى رئيس لا يتوقف عن الكذب – فليس الوطن والتاريخ والوحدة والدين والقومية والثقافة والشعر أكثر من جملة إنشائية كاذبة، لا قيمة لها. وعندما تأتي الدبابة لتحتل عاصمة العباسيين، يركع لها حنكشتيكا ويعلن أنه انتصر.
حنكشتيكا مثل بقية الكذابين لا يكف عن الحديث عن الوحدة والتضامن والانجازات، يتغنى بالقومية والامجاد، وبطولات صلاح الدين، وخالد بن الوليد، يتحدث عن عدالة الخليفة عمر والتكافل الاجتماعي، ثم  يستأسد على أبناء شعبه، لكنه يهرب جبانا ذليلا من ميادين المواجهة مع الاجنبي.
استطاع حنكشتيكا ان يكذب على الناس بزعم ان الانتخابات التي زيفها كانت شرعية، وستبقى شرعية إلى أن يتوفاه الله. لا يزال حنكشتيكا يتمسك بموقعه النقابي كرئيس لنقابة الكذابين، لأن لديه منافع كثيرة. لديه مكاتب وميزانيات وعلاقات مع الرئيس والاجهزة الامنية.
يتقن فن الكذب لدرجة أنه يصدق أكاذيبة، وهو يتصور ان مهمته كاعلامي هو تعظيم الرئيس، وترويع الكتاب والمفكرين الاحرار وخنق الحريات.
لم يتردد أبدا من استخدام الرئيس كسيف يهدد به، او صندوق خيري للتبرعات. انخدع الكثيرون به خوفا من سيفه او طمعا في ذهبه. ليس لديه امكانيات خطابية أو كتابية، لكنه يستطيع أن يكشف لك عن سبق صحافي مفبرك.
فهناك بيانات وزارة الاعلام، وهناك بيانات وكالة الانباء الرسمية، والصحف الرسمية. وهناك المؤتمرات الصحافية. وهناك جيش من البلهاء الإعلاميين الذين يكتبون ما يسمعون.  
نظر حنكشتيكا إلى وجهه بالمرآة، فإطمأن قليلا. تبدو شخصيته مقنعة. فالشيب الذي غزا شعره يعبر عن تجربته العميقة، صوته هادىء، وفيه سحر. وضع حنكشتيكا قناعا من المساحيق على وجهه ليستر العيوب الجلدية. غطى عيونه بنظارات سوداء. ارتدى بذلة أنيقة بربطة عنق فاخرة. استقل سيارة حديثة. قابل الرئيس وقدم له عريضة لمساعدة الصحافيين الفقراء. نال المساعده وخرج.
أوعز حنكشتيكا إلى سكرتيرته بأن تتصل بالصحافيين وتخبرهم عن بدء مشروع إسكان. حضر الصحافيون مثل قطيع النعاج. أستمعوا إلى خطابه، وأحلامه الزائفه. في اليوم التالي: كتبت النعاج عن حنكشيتكا وإنجازاته.
اتصل حنكشتيكا بنعجة وعرض عليها راتب مقابل الوشاية بزملائها، وكتابة تقرير شهري عن الزملاء الخونة الذين ينشرون الاكاذيب عن الرئيس. وافقت النعجة على القيام بهذا الدور. المشكلة ان هذه النعجة لم تقبض أي علف شهري رغم تقاريرها المفيدة أي أنها تشتغل مخبرة ببلاش.
قام حنكشتيكا بكتابة عريضة باسم النعاج الجائعة العارية طالبا المساعدة من الرئيس، لكن الرئيس فطن إلى أن العريضة لم تكن موقعة، ولم يمنحه المساعدة. عاد حنكشتيكا غاضبا إلى مكتبه، وبعث برسائل تهديد إلى النعاج مهدد بذبحها وتقديمها ولائم للرئيس.
زعم حنكشتيكا أن لديه مكاتب في كل مدينة، وقام بتحصيل فواتير
قبض من أصحاب المكاتب مقابل عمولة لهم.
نظم حنكشتيكا مهرجانات سنوية لتكريم الكذابين من الإعلاميين، مانحا الجوائز لمؤيديه من النعاج البيضاء.  أصطحب حنكشتيكا النعاج في رحلات خارجية إلى بلاد مجاورة بعد أن ضمن تغطية التكاليف من وزارة المالية ومن الدولة المضيفة ايضا، وبهذا فقد ضمن لنفسه ربحا مضاعفا.
أدمن حنكشتيكا على الكذب، فهو يتخيل أكاذيبه على أنها حقائق. أصبحت كل حياته كذبة كبيرة، وعندما مات الرئيس السابق، صار حنكشتيكا ديمقراطيا، مدافعا عن الحقوق النقابية، لكن ذاكرة حنكشتيكا كانت ضعيفة جدا فهو لا يتذكر أكاذيبه السابقة.
بقي حنكشتيكا على رأس النقابة، دون أن يتمكن جيش الاعلاميين من زحزحته من موقعه. لم تكن مؤسسة حنكشتيكا القائمة على قواعد الرياء المؤسسة الوحيدة الناجحة التي بقيت ناشطة رغم الزلازل التي عصفت بالبلد. فهناك أسماء كثيرة مشابهة: المركز الاعلامي، الوزارة الاعلامية، المجلس الاعلامي.
لقد مارست هذه المؤسسات الكذب بكل أنواعه، خصوصا الكذب الدعائي، وهو تعظيم الشخوص السياسية، والحزبية، والنقابية، وإظهارها في مظاهر القوة والتسامي والأنفة الوطنية لتغطية الشعور بالنقص والفشل السياسي.
حاولت هذه المؤسسات أن تثبت أن هناك انجازات على الارض، مؤكدة أن الشعب يلتف حولها، في الوقت الذي لا تحظى اجتماعاتها وبياناتها وقراراتها بأي اهتمام شعبي.
 ألصقت هذه المؤسسات تهم الخيانة الوطنية والجاسوسية بكل الاشخاص الذين رفضوا المشاركة في مهرجانات الكذب، بل بررت لنفسها الانزلاق إلى مواقف خيانية متمترسة خلف قلاع  المناصب السياسية والحزبية والامنية والاعلامية. استطاعت هذه المؤسسات بما تملكه من قدرات مالية وقمعية وسياسية أن تحول الكذب إلى موقف وطني.  
 فعندما يكون الكذب وطنيا، يصبح موقفا وطنيا، وبالتالي يصبح صدقا وطنيا يتسلح به الاعلاميون، استعدادا لاطلاق النار على كل من يخالف الصدق الوطني.
بعد انكشاف أمر حنكشتيكا بشكل فظ مبتذل، وبعد تدهور أوضاع الإعلاميين، تداعو إلى اجتماع طارىء. أصر حنكشتيكا على حضور الاجتماع بغرض إفشاله. وشارك في المداولات التي تحولت إلى صياح الديكة، وكادت الايدي تشتبك. أثار هذا الامر الحبور في نفس حنكشيتكا. فلم يكن حنكشتيكا الاعلامي الوحيد الذي لازمته الصفات القبيحة كالانتهازية والارتزاق وغياب المهنية والكذب. فمن بين دعاة الاصلاح، أشخاص لهم طموحات شخصية.
 تحدث أحدهم كيف أن النقيب المعين من قبل الحكومة سرق أموال النقابة، ولم يحاسبه أحد على فعلته. لم يخجل آخر أن يعترف بأنه كان يتلقى أموالا من حنكشتيكا. ذكر ثالث كيف أن محاولاته التقرب من النقيب المعين عن طريق كتابة خطاباته باءت بالفشل. استمات إعلامي آخر بالدفاع عن النقيب المعين لأنه يمثل الشرعية، وأن الاجتماع ليس أكثر من محاولة إنقلابية للتمرد عليه، ولكن النعاج لا تتمرد، بل تريد مزيدا من العلف.
لم يكن هذا هو الاجتماع الأول – لقد عقدت في السابق اجتماعات اخرى، باءت جميعها بالفشل، وذلك لأن تغيير الرئيس لم يغيرمفهوم النقابة كمؤسسة يرأسها نقيب النعاج يصدر تصريحات سياسية موالية للحكومة. فلا يزال الكثيرون ينظرون إلى النقابة كمنبر سياسي لحشد المؤيدين للاشتراك في مزاد علني اسمه الانتخابات.
 تدهورت الاوضاع الامنية والاقتصادية والسياسية في البلد. ولم تقف نعجة واحدة لتقول الحقيقة.
 لقد كان الجميع متورطبن – هؤلاء الاولاد الذين يسمون أنفسهم إعلاميين كان يقبلون بالحلوى كرشاوي صغيرة من حنكشتيكا، بل كانوا يسعون لبيع أنفسهم للشارين مقابل رضى النقيب أو غيره من الجالسين على كراسي المناصب المدنية والعسكرية والحزبية.
هؤلاء الاولاد الذين يسمون أنفسهم إعلاميين روجوا للزيف الذي يبث في كافة أجهزة الاعلام المحلية والعالمية، فكانوا من المتورطين في صناعة الكذب التي أصبحت نقابة للكذابين.
  

0 comments:

Post a Comment