Pages

Saturday, April 9, 2011

قصيدة اليوم: طيور الرخ

شعر: سعيد الغزالي –القدس المحتلة
قصيدة طيور الرخ هي القصيدة الأولى من قصائد "الثورات العربية"، وسأنشر القصائد الأخرى تباعا 

لما ظهرالبوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد، عاصمةِ أرضِ"انتفاض"، ظهرت طيورُ الرُخِ في سماءٍ قصرٍ فرعونَ في المدينة، وتغير المشهدُ برمته.
هذه رواية شعرية عن الثورات في تونس ومصر وبقية الأقطار العربية، مكتوبةٌ بقافيات متنوعة وجمل شعرية تطول أو تقصر.
كانت هذه الثورات عملا إبداعيا شعبيا من صنع الجيل الجديد ، فقد غيرت المفهوم السلبي عن المواطن العربي الذي شمر عن ساعديه وتحرك ليصنع مستقبله، بع أن توقف عن انتظار صلاح الدين أو قائد الجيش أو الزعيم الثوري ليحرره من الظلم الذي أخضع له لفترة طويلة.  بدأتها بوصف طيور الرخ التي ظهرت فجأة في سماء مدينة بوزيد التونسية.
 أثار ظهورُها تساؤلات في ذهني جعلني أفكر على طريقة شعراء المعلقات بأن أقف على أطلال قصر فرعون متحدثا مع صاحبيَّ، وهما راعي الإبل وراعي الغنم ليخبراني عن هذه الثورات العربية التي أرخت لعصر جديد في العالم العربي.
إن استخدام أصول التراث العربي ورموزه ليس شينا أو سمة سلبية، بل يشكل ذلك الأستخدام ضرورة للتأكيد على أصالة هذه الثورات، دون أن تتخلى عن الحداثة، فإلى جانب الشعراء الصعاليك المتمردين على القبيلة، وإلى جانب الناقة والنعاج والأطلال هناك التوتر ومقياس ريختر.
لم تحقق هذه الثورات بعد انتصارات حاسمة ولكنها خطت الخطوة الكبيرة الأولى، ولم يعد المواطن العربي مواطنا هامشيا بل أصبح صانعا للثورة التي أظهرت بوضوح مدى إفلاس وعنف الدكتاتوريات العربية وعبر عن سقوطها المدوي أخلاقيا وثقافيا وفكريا ووطنيا.
رد البوعزيزي على الظلم الذي أحاق به بإحراق نفسه. وكان فعله خرافي، أصاب الوعي الجمعي للشعوب العربية فهبت تريد إسقاط النظام، وهذا الشيء الخرافي جعلني أفكر بطيور الرخ الخرافية التي قد لا يكون لها وجود إلا في كتاب ألف ليلة وليلة، لكنها في القصيدة هي طيور تشبه جبال النار والنور في سحائب الغمام الأسود.

-1-
يا صاحبيَّ قفا وتبصرا
أخبراني عما جرى للحمام في باحات قصرِ فرعونَ الجليلِ وقيعانها
هذي الدماء يضج صخيبها وكأنها نهر غضوبٌ يجري في وديانها
فرعون أصمتَ الزأرَ بأرض انتفاض أخنى روحَ الأباة فغدا أُسدُها ضغاث طيرها
تذأب بيوم جلجلة فاتكا بقطيعِ نعاج مستضعفاتٍ زاعما أنه راعيها
شوى لحمهن الطري وفي الأصقاع قسم لحوم أشدِنِ غزلانِها
وما فتأ يجز أملس صوفها يُجرُمُ لحمها عن عظمها لكلابِهِ يرميها
يا صاحبيَّ قفا وتبصرا
أخبراني عما جرى في أرض انتفاض الأُسد  عن ثورةٍ اشتدَ سُعارُ لهيبِها
عن الفتى الجسورِ مشعلا بجسمه جمراتٍ أضاءت الكونَ مشاعُلها
ومشيتهِ الأسديةِ إلى شمسِ الصُبح غيرَ آبهٍ إن أردته نيرانُها
علا إليها وكأنه الفينيق اجتمعت في روحه أُمةٌ أبت العيش في ذُلها 
قفا وانظرا طيوراً هائلةَ الجسمِ حامتْ صائحة في علياء جوزائها
أسمعاني هديرَها يهزُ جنباتِ الأرضِ يُخرجُ من القيعانِ براكينَها
صاحت طيورُ الرُخِ في سماءِ انتفاض علتْ أناتُ أيتامِها
وأسمعتْ في سندها زئيرَها اقوامَ الجن والإنس في هِندها
هاجت وماجت في أرض انتفاضٍ بالطغيان عُريَ رسمُها
وحشيةُ القسماتِ توهجت شُهبا في حومانها
مدت مناقيرَها إلى السحاب العظيم كأنها فوهاتُ براكينَ نفثت نارَها
كأنها جموعُ كواكبٍ بركانيةُ الهباتِ يسكنُها هيجانُ ثورانها
ضربتْ بأجنحةٍ عِظامٍ سحائب النيران في غمامِ دُخانِها
ضربت بأجنحة عظام وهزَّ زئيرُها سِندَها وهِندَها حتى واقِ واقِها
ضربت بأجنحة عظام ارتج منها الكونُ كأنه ضُربَ بأعاصيرها
حامت وحشيةَ الحركاتِ حالقةً في أُرجوان سماءٍ شبَ ضِرامُها
هاجت وماجت وكأنها حشدٌ من الجنِ المخيفِ غطى سماءها
هبطت على أديم "سيدي بوزيد" ضُرجت بالياقوت من دماء أهلها
كان "البوعزيزي" يصنع ثورة كبرى بأرض "انتفاض" مجلجلا كان هديرها
أرضٌ "انتفاض" فيها البحار والجبال والفيافي ومجدُ الأُلى جَرّمَها ظُلامُها 
أرض "انتفاض" ديثت بكل شَينٍ بكل بطشٍ
ديثتْ بالفعل القميء وداستها خيولُ طغاتِها  
ارض "انتفاض"غدتْ عِينُها ونَعامُها صرعى فرعونِها
عُريتْ من حماتِها الأُسدِ أُبيد في بيدها رُماتُها
سامها العسفَ الرهيبَ أشعل النار في جسمها وهدّمَ حُلمَها
فرعونُ من أوغادِ نيرونَ
قال إنه من أهلها وكان واحدا من ظُلامها

0 comments:

Post a Comment