Pages

Friday, April 29, 2011

الإعلامية لونا شبل تدافع عن النظام السوري



سعيد الغزالي- القدس المحتلة


قدمت لونا شبل الإعلامية السورية استقالتها من عملها في قناة الجزيرة، احتجاجا على طبيعة تغطية قناة الجزيرة "غير المهنية"  لموجة الإحتجاجات في سورية، ودعمت شبل في مقابلة مطولة مع قناة تلفزيون دنيا الموالية للنظام السوري، قولها بأمثلة مستقاة من مشاهداتها داخل القناة، وقد تكون شبل محقة في بعض انتقاداتها، أو لا تكون، وقد تكون اتهاماتها مبررة أو ليست كذلك، ولكن من المؤكد أن القناة ليس لديها مراسلون ينقلون الحدث مباشرة من الأرض السورية، لأن النظام يمنع الإعلاميين من دخول أراضيه. وتضطر القناة إلى الإعتماد على شهود عيان. ومعظمهم يخشون من بطش النظام.  
ورغم تعاطفي مع "المبررات المهنية"، لكوني مطلع على الألاعيب الإعلامية وعايشتها خلال عملي في وكالة أنباء الاسوشيتدبرس خلال تسعة أعوام، إلا أنني لا أبرر لـ "تحاملها الشديد" الذي يحمل موقفا سياسيا بحتا.
 فقد زعمت الإعلامية السورية أن الإحتجاجات في سوريا تدار من الخارج، وذكرت بعض الأمثلة، لكنها لم تكن مقنعة. ومن تلك الأمثلة التي ساقتها شبل، اسم معارض سوري يعيش في الخارج، ويقود الاحتجاجات في درعا، وهذه حجة بالية يستخدمها الكثيرون في أقطار الوطن العربي ضد منتقدي الأنظمة، فالمواطن السوري أو الفلسطيني أو العراقي لا يفقد ارتباطه بالوطن إن كان يعيش في الخارج، ناهيك عن أن معظم المواطنين الذين يعيشون في الخارج قد هُجروا أو أضطروا أن يتركوا أوطانهم.  
  في هذا السياق أتذكر قول معارض إيراني عاش خارج إيران، قال المعارض: طالما أن هناك سماء وتحتها أرض، فهذا وطني.
الوطن هو الإنسان الذي تصان كرامته. والوطن الذي لا يصون كرامة أبناءه ليس وطنا.
 المواطنون السوريون في درعا الذين احتجوا على القمع الشديد لهم ، والمواطنون في أرجاء سوريا، لم يأخذوا أوامرهم من "عناصر خارجية". لا أعتقد أنهم يعملون بـ "رموت كنترول".
هناك من يصر على معاندة الواقع وصيروراته في الساحات العربية دفاعا عن الأنظمة العربية المستبدة، ومنهم كما يبدو الإعلامية لونا شبل، التي تمسكت بنظرية المؤامرة. وحاججت بأن أمريكا والغرب وبعض الأنظمة العربية الرجعية يسعون إلى اسقاط "أنظمة عربية تقدمية"أو أنظمة ممانعة، كما يحلو للبعض أن يسميها.
واستدلت شبل على صحة رأيها بمقتطفات من تصريحات وردت على ألسنة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية. ولم تنتقد شبل بحرف واحد النظام في سوريا، وبغيه وعدوانه، بل تبنت "نظرية المؤامرة" بنسبة مائة بالمائة.
أنا لا أنكر أن هناك قوى حاولت وتحاول امتطاء الثورة، وقد حدث ذلك في مصر، وتونس، وليبيا، واليمن وسوريا، ولكن هذا لا يعني أن نتهم الملايين من المحتجين ضد الأنظمة الاستبدادية بأنهم عملاء للغرب.
ولو فحصنا بقليل من الذكاء ماذا جرى في حرب الخليج الثانية، فإننا سنلاحظ أن أمريكا تمكنت بمباركة أنظمة عربية ومنها دول الخليج، وسوريا ومصر من إسقاط النظام العراقي المستبد، وسعت بعد ذلك الوقت إلى اسقاط أنظمة عربية ممانعة مثل النظام السوري من منطلق نظرية الدمينو التي تبناها وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد.
نتذكر أيضا كيف كان النظام السوري يرتجف هلعا من دوران الدوائر عليه، وقد حاول أن يبرأ نفسه من أي دور في العراق. وكشفت الويكيليكس وثائق تؤكد أن بشار الأسد تحدث مع الأمريكيين عن دور يقوم به في المنطقة، ووصف حركة حماس بأنها ضيف ثقيل الظل.  

ليس الأمريكان وليس الأوروبيون الذين فجروا موجة الاحتجاجات في الساحات العربية، بل الشعوب التي ملت من الظلم والاستبداد الذي استمر عقودا طويلة.
هناك خلط كبير في الأوراق، وهذا الخلط قد يضلل الجماهير، ويحرفها عن مسارها الثوري، بدعوى أن موجة الاحتجاجات قد تم امتطائها وتأجيجها وتحويلها إلى فوضى عارمة وحروب اهلية وفتن وتقسيم بلدان ونهب ثروات وتمرير حلول سياسية في المنطقة. لا شك أن هناك مخاوف بحدوث ذلك. ولكن الأنظمة الدكتاتورية كالنظام الليبي واليمني والسوري يسعون – بقصد أو بغير قصد- إلى الوصول إلى هذه الفوضى، بإصرارهم على التمسك بالنظام.
لماذا لا يقوم هؤلاء الدكتاتوريين بقطع الطريق على أمريكا وغيرها والإستماع إلى صوت الشعب، وتلبية مطالبة والدخول في مسارات الحرية والإصلاح تؤدي إلى قيام أنظمة ديمقراطية ومدنية؟
لا احد يمكنه أن ينكر أن إسرائيل هي المتضرر الأكبر من المتغيرات في المنطقة.هل هناك من هو أفضل للإسرائيليين من حسني مبارك وزين العابدين؟ وحتى الرئيس بشار الأسد، برغم شعاراته القومية الكبيرة، والزعيم معمر القذافي، برغم دون كيشوتيته السخيفة والخائبة قدموا خدمات جليلة لإسرائيل. 
ماذا فعل النظام السوري لتحرير أراضيه في الجولان؟ هل أعد وجهز الجيش السوري لخوض الحرب واستعادة أراضيه المحتلة؟ ألم يراقب هؤلاء الزعماءالعرب غزة وهي تحترق بنيران الإسرائيلي في حرب الكانونين.
من الجلي أن النظام العربي ينهار حاليا، وهذا النظام استبدادي، بغض النظر عن كون بعض الأنظمة تزعم أن لها مواقف قومية. إن الموقف القومي ليس شعارا يحكي، بل عمل وممارسة على أرض الواقع، وبالتأكيد، فإن الفعل القومي هو ذلك الفعل الذي يقف إلى جانب الشعب وحقوقه وآماله وطموحاته ولا يقف إلى جانب الزعيم المستبد.
إن الزلزال الذي تحدث عنه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو سيصل إلى هنا، إلى فلسطين.والذاكرة الشعبية العربية المنتفضة ضد حكامها المستبدين زاخرة بكل ما فعلته إسرائيل 
بالفلسطينيين والعرب منذ أكثر من ستين عاما. 

0 comments:

Post a Comment