Pages

Tuesday, April 19, 2011

مؤجج وعاجل الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى قطاغ غزة لإنهاء الإنقسام




حكايات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم 20
سعيد الغزالي- القدس المحتلة

يعتقد حنكشتيكا الذي بدأ يتزحزح أو يتزحلق أو يتدحرج أو يتشنقح مبتعدا عن حماره وسياسته "غير الوطنية" أن عليه أن يعمل منذ هذه اللحظة، وقبل فوات الأوان، على إنقاذ الوضع الفلسطيني، ويتوجب عليه أن يتحرك بسرعة ويعمل مثابرا ومجاهدا في إعادة بث الروح الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني التى أُضعفت، أو أُثخنت جراحا، ومذلة أو أنهم فقدوها أو خسروها، أي خسروا روحهم الوطنية الثائرة بفعل الثورات
الشعبية العربية اللاوطنية.
أمعقول يا عقلاء الأمة هذا القول؟
أمعقول أن يزعم حنكشتيكا أن الروح الوطنية لدى الشعب الفلسطيني قد خبا أوارها، وأن سبب ذلك يعود إلى الثورات العربية؟
أمعقول أن توصف الثورات العربية بأنها لا وطنية؟
معقول جداً، إذا قال حنكشتيكا ذلك. نحن نعيش في عصر اللامعقول واللامعقول في عصر اللامعقول معقول.
ابتسم الحمار وبانت نواجذه.
واستدار حنكشتيكا إليه أثناء جلوسهما يدخنان النرجيله ويستمعان إلىى أخبار الجزيرة في قصر الرئيس التونسي المخلوع، وقال حنكشيتيكا لصاحبه الحمار:"أتوافقني الرأي أنه يجب أن نعود إلى فلسطين فورا، لنعيد بث الروح الوطنية بين الناس ونعيد لها أجيجها؟
الحمار: بالتأكيد. نريد من كل فلسطيني أن يؤجج وطنيته، على نار حامية أو هادئة، وهذا ما طالبتك به مرات عديدة، إذ يكفينا تسكعا في الاقطار العربية، تاركين وطنية شعبنا خامدة غير مؤججة. نريد العودة للوطن، لتأجيج الروح الوطنية النائمة.
مد حنكشتيكا يده وربت على مؤخرة الحمار وقال : أنت تقرأ أفكاري جيدا. أحببت من قولك هذه العبارة:" تأجيج الروح الوطنية النائمة". لقد أصبت في قولك. إنك حمار لذيذ. وأنا ألتذ بكلامك، بل إنه كلام يؤججني.
الحمار، مكررا في نفسه كلمة لذيذ، قائلا: إنه يلتذ بكلامي الذي يؤججه،  أحس الان بقشعريرة تسري في بدني وتؤججني، بعد أن لمس حنكشتيكا مؤخرتي، وأخشى أن يكون حنكشتيكا "هومو سيكشوال". وقال محدثا نفسه: هذا اكتشاف آخر لصفة أخرى تضاف إلى صفات حنكشتيكا المذكورة سابقا في إحدى الحلقات، آمل أن اكون مخطئا.
 كتم الحمار ما دار في رأسه وحرف جسمه مبتعدا عن حنكشتيكا ليحمي مؤخرته. وبقي صامتا.
قال حنكشتيكا: أتوافقني أنه يجب أن نعمل هناك في فلسطين معا في إطار مشترك من التفاهم والإخوة والوحدة الوطنية. فالبلد لا تحتمل انقساما، وكل نهج انقسامي يضر بالمصلحة الوطنية. يجب أن نعمل من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية.
الحمار بصوت لا يخفي الخبث: صدقت يجب أن نعود فورا لنتابع رحلة الرئيس إلى غزة، لقد وعدنا الرئيس أن يتوجه إلى قطاع غزة، ويجلس مع إسماعيل هنية ويحل مشكلة الإنقسام ويعلن إتفاق المصالحة. حدث ذلك منذ اكثر من شهر، وتحديدا في منتصف الشهر الماضي.
حنكشتيكا: هذا يدل على أن الرئيس مخلص ووطني ومُصر على إنجاح مبادرته.
 قال: إن البعض يعتبرها تكتيكا، ولكني سأفجأ الجميع بمدى استعدادي للمصالحة. لقد دعا الرئيس هنية أن يجري الترتيبات اللازمة بالتنسيق والتفاهم مع الفصائل والفعاليات ودعاهم إلى استقباله عند معبر بيت حانون أو حدود رفح.
وقال إنه ذاهب إلى هناك من أجل إنهاء الانقسام وليس إجراء مفاوضات.
الحمار، بسخرية: إنني لا أشك في وطنية الرئيس. إنه يريد إنهاء الانقسام فورا، سيقول لـ هنية: يلا ننهي الانقسام، فينتهي الانقسام، وأعتقد أن هنية والفصائل أعدوا لاستقباله استقبال الفاتحين، ولكنهم لا يزالون ينتظرون.
حنكشتيكا: لا تنس أن هنية كان قد دعا إلى مثل ذلك اللقاء قبل الرئيس.
الحمار: وهذا دليل آخر على وطنية هنية. كلام جميل صدر عن الرئيس وهنية، ولكن الرئيس لم يتوجه حتى الآن إلى غزة ليقوم هنية باستقباله استقبال المنتصرين. لماذا تظن أنه لم يذهب إلى هناك؟
حنكشتيكا: أعتقد أنه سيذهب عاجلا أو آجلا. والإثنان متفقان. هناك بعض العراقيل. يجب أن نستبعد فكرة قيام إسرائيل بمنع الرئيس من دخول غزة عن طريق معبر بيت حانون، فهو قادر على تحديها، والتوجه إلىى غزة عن طريق مصر ومعبر رفح. ألم يؤكد ذلك بعظمة لسانه.
الحمار: أتقصد أن أطرافا ودولا أخرى، باستثناء إسرائيل ضغطت على الرئيس ومنعته من التوجه إلى غزة؟
حنكشتيكا: لا أقصد ذلك، الرئيس لا يخضع للضغوط سواء من إسرائيل أو غيرها، ولم يرضخ أبدا للإبتزازات.
الحمار: نعم، نعم لم يرضخ. هذا واضح. الرئيس في كامل هيئته المستقلة. إن رأيته ونظرت إلى عينيه، يدهشك قوة الاستقلال فيهما. تشاهده يمشي يمتشق هامته امتشاقا، كما يمتشق الفارس المقدام حسامه، ويتقدم في ميادين السياسة مستقلا. في اللحظة التي يتوقف فيها الدعم من أي دولة حتى من عفاريت الجن، يأمر الرئيس حماة الاقتصاد الفلسطيني بأن يشمروا عن سواعدهم ويزيدوا من انتاجهم، فيغزوا سمنهم وعسلهم وحليبهم وكمبيوتراتهم أسواق العالم. أما الثقافة المستقلة، فحدث عنها ولا حرج، كل مثقف فلسطيني مبدع يبدع مستقلا غير متأثر ولا ناقل ولا ناسخ للآخرين. إلى هنا أتوقف، لأننا إن دخلنا في حكاية الإبداع لن نخرج أبدا منها، نعود إلى موضوعنا، لماذا لم يتوجه الرئيس إلى قطاع غزة؟ 
حنكشتيكا: هناك عراقيل وطنية. أنت تعرف أن المسألة تتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية وتشكيل حكومة وطنية، هناك إجراءات وترتيبات وطنية.
الحمار: وضح لي الأمر، لقد أصبح فهمي ثقيلا. ما فهمته منك أنه لا ضغوطات مورست على الرئيس من الخارج والداخل، بسبب شدة استقلاله وتنوعه، ورغم تصميمه فهو لم يتوجه حتى هذه اللحظة إلى قطاع غزة. هل أُلغيت الزيارة، وفقد الرئيس عزمه وتصميمه؟
حنكشتيكا: الرئيس لم يفقد عزمه وتصميمه، ولا استقلاله، إنه لا يقول شيئا ثم لا يفي به، هو مشغول، فقط مشغول، يعني ألا يجوز أن يكون الإنسان مشغولا، إنه يجري اتصالات مع منظمة المؤتمر الإسلامي والشخصيات الحقوقية، لكن الجميع مشغولون بالثورات، هذه الثورات للـ ....
الحمار: تقصد الوطنية، الثورات الوطنية.
حنكشتيكا: أنت ترى أن هذه الثورات لا يمكن أن تكون وطنية، فقد عرقلت انهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.  
الحمار مشككا: يجوز أن نصدق ذلك
حنكشتيكا: لماذا لا تصدق. أتشكك في وطنية الرئيس. أتشكك في مبادرته الوطنية، في صدقه الوطني، في إخلاصه الوطني، في تاريخه الوطني، في مواقفه الوطنية، في عزته الوطنية.
حمل حنكشتيكا نبوته وانهال ضربا على الحمار. فانكسرت النرجيلتان أثناء "المدافشة"، وتبعثرت بصابيص النار وتتطاير الرماد وتناثر الزجاج المهشم على الأرض. ولم يتوقف حنكشتيكا عن ضربه وشتمه ولعنه، وتهديده حتى قال الحمار: أنا لا أشكك بوطنية الرئيس، وكررها عشر مرات.
ارتاح حنكشتيكا، فقد تمكن أن يقنع الحمار بأن الرئيس وطني. وحاول أن يزيد في إقناعه بمخاطبة عقله، فوسائل الضرب غير مستحبة في زمن الحوار، ولكن حنكشتيكا اضطر إلى استعمالها اضطرارا. أشار حنكشتيكا إلى "السفرجي" وطلب منه أن يهرع إليهما، هرع السفرجي.
السفرجي: أوامر، سيدي حنكشتيكا، هل ضايقك الحمار، أنا جاهز أن أسكت أنفاسه إلى الأبد؟
حنكشتيكا: أي هو ضايقني وبس أخو ها الشليتة، بس أنا فرجيته، أي طلعت الـ .... من... أحضر فنجانين قهوة، وزجاجتين من المياه المعدنية، نظف المكان من فضلك.
انتهى السفرجي من عمله وغادر إلى المطعم، فقام حنكشتيكا من مكانه وربت على رقبة الحمار، وقال بكبرياء: لكل زعيم قامته الوطنية. قل أجل
الحمار: أجل.
حنكشتيكا: قلها بصوت عال، أريد أن يسمعها الجميع في هذا القصر الرئاسي.
قال الحمار: أجل ونعم وموافق، ولا شك في ذلك، وأؤكد على ذلك، وأقسم أن إيماني بذلك لا يتزعزع. وسأحفظ هذه العبارة عن ظهر قلب
حنكشتيكا: اسمع لدي الكثير لأقوله. وعليك أن تقول أجل بصوت مسموع، فهمت.
ردد الحمار اجل ونعم وموافق...
  وصل "السفرجي" بفناجين القهوة، ونظف المكان وجدد رأسيّ النرجيلتين ووضع عليهما بصابيص النار، وأصر حنكشتيكا أن يتناول حماره فنجان القهوة قبله، ثم جلس على الكرسي وتململ وتنحنح، وقال: لكل زعيم عربي قامته الوطنية، وعرضه وسمكه، ووزنه، وسمك رقبته، وحجم إليته، وضخامة أنفه، ونتانة فمه، ورقة خصره أو ثخانته، وصبغة شعره، ولون عينيه وطول رموشه، وشكله وسحنته وموديلات ملابسه، وعلو جزمته الوطنية. قل أجل.
الحمار: أجل ونعم وأوافق.
أكمل حنكشتيكا في لهجة رزينة، لا تخفي هيبة مقامه، وقال لحماره: استمع إلى ما أقول، وكلما شعرت بالحاجة إلى قول أجل، قلها فورا، ولا تتردد 
قال حنكشتيكا: لكل زعيم حضوره وبرنامجه ودستوره الوطني. لكل زعيم اسمه الوطني، ورقم بطاقتة الوطنية. لكل زعيم زوجته الوطنية ومحظياته الوطنيات وحفلاته الوطنية. لكل زعيم ندماء وحكومه وطنية. يلا قل وراي أجل.
الحمار فعل أجل بالدبك بالأماميتين والركل بالخلفيتين.
حنكشتيكا: كل شيء حتى ملابسه الداخلية، ونكاشة أسنانه، وولاعة سجائره، وحتى هزائمه ترتبط بالوطن.
الحمار: أجل
حنكشتيكا: نقول أو نسمع في نشرات الأخبار أو نقرأ في المناهج المدرسية، أنجز الزعيم عشرين أو خمسين هزيمة وطنية.
الحمار: أجل
حنكشتيكا: نقول أو يقال لنا ونحن نسمع ما يقال ونؤمن بما يقال: كان سجله من النكسات الوطنية ثلاثة أو أربعه.
الحمار: أجل
حنكشتيكا: نقول أو يقول ناطقوه ومديروا أعماله وعفاريت مخابراته، وراقصوا السيرك في منتدياته ووزارته: إن النكبات الوطنية التي أصابت الشعب، لم تصب الزعيم.
الحمار: أجل
 حنكشتيكا: نقول أو نجبر أن نسمع ونخضع: إن التنسيق الأمني عمل وطني.
اشتدت فرحة الحمار واستمر في هياجه يردد أجل ويدبك ويركل.
حنكشتيكا: إن التنازل المجاني عن القدس فعل وطني.
لم يستطع الحمار إمساك نفسه عن الضرط، وهو يقول: أجل. وأتبعها بضرطة أخرى، أجل.
 حنكشتيكا: إن إسقاط حق عودة اللاجئين مشروع وطني. بلاش تقول أجل. لأنو أخشى أن تعمل إشي تاني، استمع لي بدون أجل.
الحمار: أكمل قولك بلا وجل ولا أجل مني، إن بقيت الأمور هيك، يا بيك، سنأكل الفجل، ولا بأس من أن نكثر من أكل البصل وقول أجل.
 حنكشتيكا: سمعت الرئيس مرة يقول: إن إستكانة المواطن وذله على الحواجز العسكرية الإسرائيلية جزء من المشروع الوطني.
هب الحمار واقفا، ورمى فنجان القهوة، وصاح: لا أستطيع أن أسكت عن قول أجل، وأجلٌ أجلٌ، أجل.
حنكشتيكا: باختصار، كل شيء كالمشاريع والتنازلات والنكبات والهزائم المرتبطة بالزعيم يمكن وصفها بالوطنية.
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: كل شيء لا يرتبط بالزعيم كالهبات والثورات والانتفاضات يطلق عليه غير وطني.
الحمار: أجل.
حنكشتيكا: المقاومة غير وطنية لأن الزعيم يرى أنها تضر بالمشروع الوطني.
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: النهضة الاقتصادية مشروع وطني
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: محاسبة الفاسدين
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: التضحية من أجل الوطن
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: الإدارة الفاعلة للمؤسسات
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: محاسبة السادة الكبار وعلى رأسهم الرئيس
الحمال: أجلً أجل.
حنكشتيكا: عاشت حكومتنا الوطنية
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: ليسقط الإنقسام
الحمار: أجلً أجل.
حنكشتيكا: عاش الرئيس
الحمار: أجلٌ أجل
حنكشتيكا: الرئيس سيتوجه إلى قطاع غزة غدا
الحمار: أجل أجل.
حنكشتيكا: إن لم يكن غدا، فبعد غد أو بعد بعده
الحمار: أجلً أجل. وأجلً أجل، أجل، أجل.... هاق

0 comments:

Post a Comment