Pages

Monday, April 18, 2011

قالوا : الحمار عنطز، قلت أقبل عنطزته




حكايات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم 19
سعيد الغزالي- القدس المحتلة

أحس حنكشتيكا أن مصالحه ستخرب عاجلا أو آجلا، إذا بقي ماشياً خلف الحمار، مدليا رأسه خانعا، حمارا يمشي خلف حمار، ولا يعرف إلى أين يذهب. كان في البداية يظن أن لعبة الثورات ستنتهي بعد يوم أو يومين، اسبوع، اسبوعين، شهر، شهرين، اليوم الإثنين يوم واحد بعد خمسة أشهر من المظاهرات والإضطرابات وهيصة الحرية والديمقراطية، حكومات بتنزل وجيش بيضرب وقوات أمن ومخابرات وثورات مضادة، وأوضاع حنكشية، وين الأمور رايحه؟ ما حدا عارف وين.
فكر حنكشتيكا إنه تَيّسْ في مسايرة حماره، وانجرف مؤيدا للثورات وعليه أن يلجم الحمار ويتراجع، ويعود لممارسة حياته العادية.
"الله يلعن هيك حمار نازل طالع يطزع انتقادات طيب شو العمل معاه؟
قرر أن ينتظر الحمار، ولما يصل، سيرميه بسهم شتيمة تصيب من حماره مقتلا. فما هي هذه الشتيمة التي ستصيب قلب حماره بسهمها.
سيكر عليه بسيل شتائم شتيمة تتبعها أخرى، وينبله ببصقة يرصعها على صباحه.
فكر حنكشتيكا بأول شتيمة وهداه تفكيره على أنه يجب أن يقول لـ حماره: 
 
." "خش فيها"
"خش" معناها أدخل في اللهجة العامية الفلسطينية. ويقصد خش في عيني. حنكشتيكا شخص مؤدب يرفض استعمال الكلمات النابية، لكنه قالها في نفسه هامسا، "خش في..." وندم عليها، ثم غيرها في راسو وقال إنه يقصد العين فقط.
طيب لو خش حافر الحمار في عين حنكشتيكا، راح يخسر عينه، مصيبة، وحتى لو كان المقصود إشي تاني. يعني الحافر مع رجل الحمار مش إيشي بسيط.  
كان حنكشتيكا يقصد أن يوجه شتيمة من عيار ثقيل للحمار، ولا يمكنه أن يقذع في القول دون العنطزة، والعنطزة رجس من عمل الشيطان، ولكنه مغيوظ، وقلبه محروق وصمم على أن يجعل الحمار يعنطز عنطزة غريبة.  
أقسم أن يذل الحمار ويؤدبه بعقوبة "ما عمر حد شافها ولا سمع عنها، عقوبة من مرادفات العنطزة.

طيب ليش هالسادية؟ ما كانوا إتنين حبايب ومبسوطين زي السمن على العسل.
يظهر أن الخوف دب في قلب حنكشتيكا من اندلاع الثورات الشعبية في بلاد العرب، قطر قطر وزنقة زنقة. اعتقد حنكشتيكا أن حماره هو المسؤول عن هذه الثورات. مش لو ضل الناس نايمين في بيوتهم أفضل، نزل دم كتير، خرب الاقتصاد، تزعزعت الحكومات، شو استفادوا. هاي البلاد كلها واقفه على راسها، والموت في الشوارع صار متل شرب المية
طيب شو العمل؟
 أخذ حنكشتيكا يذرع أرض الإسطبل جيئة وذهابا، منتظرا عودة حماره من مكتبه في رئاسة الوزراء التونسية، حيث أصبح رئيبسا للبلاد مكان زين العابدين، كما ورد في الحكاية رقم 18.
بدأ حنكشتيكا يرقص ويهزج: "طفح الكيل وزاد الحد وحذرنا الغدر ما ارتد"، قال في نفسه، وقد اشتعل غضبا، لأن حماره هزأ الزعماء العرب وملوكهم وجعلهم أعداءً له، وسخر منهم واحدا واحدا. لو ضلت المسألة على زين العابدين، معلش، بسيطة، زعيم واحد طار، طز، وانتهت القصة.
طيب هذا الطيب المحترم حسني مبارك شو عمل، حتى الحمار يروح يؤيد ثورة الشباب ضده، أي يعنى شو فيها لو حكم مصر أكثر من ثلاثين سنة؟ وشو فيها لو صار ابنو رئيس الدولة ا؟ طيب ابنه جمال حظة ناقص، ولا يمكن بشار الأسد أحسن منو. طيب ما احنا قلنا إنو بشار على راسه ريشة وكندرة، ما هو التاني تورث الحكم عن أبيه.
طيب، والبحرين، الملك المسكين، هادول الشيعة في بلاده عاملين حلف مع إيران، أي بس إيران تنظف حالها، ما هي فضايحها وصلت العلا والملا، مظلوم ها الملك البحريني، لا يهش ولا ينش، قاعد على كرسي عرشو في البحرين، ولا يتدخل بأحد، مش زي قطر، متعنترة، وعاملة حالها دولة فهمانه، معاهم معاهم وعليهم عليهم. ويا الله حلق وحوش. عقبال يا
قطر يصيبك اللي أصاب العرب. يعني كيف الملك بدو يسمح للشيعة يسيطرون  
ويهددون أمن مكة.
بعدين لو صارت دولة شيعية في البحرين، يمكن تمنع أهل السنة من الحج لمكة. هاي البحرين مرقت. والمؤامرة فشلت. بس اليمن، شو هالتقليد الأعمى للثورات، طيب اليمن مش طابه بحدا، دولة مسالمة، ومظلومة بالقاعدة والحوثيين والجنوبيين اللي بدهم يقسموا البلاد، بتروح يا حمار تؤيد الثورة ضد علي عبد الله صالح. هاي تدخل سافر في شؤون دولة شقيقة. وشوف القذافي اللي خيره طم وعم عا الجميع، ملك ومش ملك ورئيس ومش رئيس، قائد ثورة عظيم، رجال باعه طويل، وشو بدك يا حمار من القذافي حتى تتحالف  مع "الجرذان المقملين" و"الشباب المهلوسين."
وأخرتها الموصل، الموصل كمان، أي بكفيهاش العراق الدم اللي بسيل في الشوارع كل يوم، كمان ثورة عا المالكي المحترم، اللي تحالف مع الامريكيين منشان ها الديمقراطية، طيب ليش الثورة في العراق، ها البضاعة اللي بسموها ديمقراطية دخلت العراق من يوم ما دخلوا الامريكان، والوضع تمام . وبعدين سوريا، الدولة العربية الوحيدة اللي رفضت أن توقع معاهدة سلام مع إسرائيل. بكفي هادا، طيب ليش ها التمرد وها الزعرنات في درعا وغيرها. طيب، والاردن والسعودية والسودان والجزائر والمغرب وموريتانيا، هادول خط احمر، إصحا تقرب يا حمار عا الصومال. أي هو ضل حيل للناس في الصومال بعد ميت حرب بين ميت مله وحزب حتى يعملوا ثورة جديدة. هناك، فش يما ارحميني ثورة سلمية وتحسس، صواريخ ضرب وجبد، اجبد صاروخ متل صواريخ القذافي اللي بيشمط مصراته بالغراد، يعني عاجبك الناس تتقتل، وسيبك من جزر القمر، الناس هناك
 دايخين، والجوع دبحهم، بستنوا يشوفوا يوم حلو، وراح يستنوا ميت سنة. أي بكفي تدمير للمقدرات. خلينا نعقل شوية يا حمار.
كان حنكشتيكا يفكر ويتوعد الحمار بالويل والثبور إن لم يرتدع ويتوقف عن تأييد الثورات، وأخذ يحدث نفسه ويقول: والله لاجيب فاطسك ياحمار، يا أنت اللي ابنها، أيوه راح أجيب فاطسك، وألعن إللي خلفوك، يلعن شارب أبوك ولحيته، يا ابن الـ .... إبنها، جاي يتفلسف عا العرب،ورجال العرب، وفرسان العرب، وشجعان العرب، وقبايلهم وعشايرهم، وجيوشهم ووزاراتهم واحزابهم وحكوماتهم، وراح معين حالو رئيس تونس، يعني هو يمثل الثوار، ولا يمثل على الثوار، والله ما هو عارف راسو من رجليه، حمار، مبارح كان مع الثوار، واليوم بدو يلعن فاطس الملوك والرؤساء، كل يوم بيجيب فنه جديده، من وين بجيب ها الكلام، والله مش عارف، يمكن في جني براسو، بس أنا تعبت. والله يلعن هيك ثورات بيقودها حمار وإيش عامل الحمار حاله مصلح اجتماعي.أخذ حنكشتيكا يشد شعره من شدة الغيظ والقهر ويقول: طيب راح أستناك، شو بدي أسوي مع الحمار  وأشوف أخرتها معاك، شو بدي أضربة، مش نافع الضرب ولا التجويع والتعطيش 
ولا التطفيش من البلد.
 جلدو متمسح، زي الخنزير، طيب السجن، بردوا مش زابطة، شو العمل يا ناس مع ابن الكلب ها الحمار؟ طيب نسلمه للأمن الوقائي، يمكن لما يشوف العين الحمرا،يتربى ويصير زي حمير خلق الله، أي هو ما فش حمار في الدنيا غيره، أي هو أحسن من ملايين الحمير. نازل يطزع انتقادات ورا انتقادات، يفش غلة بالحكومات، راح خابط بالقذافي، أي هو قد القذافي، وبعدين راح يتمرجل عا المسكين الرئيس اليمني، صاحب العنزات، والاسد الشاب الدكتور المتعلم، وبيقول عنو أخو الشليته، وشكله كتلة من خرا الثور، وأخو ها الش ... ولا عيب بلاش الحكي، ما خلا حدا من شره، حتى المالكي، نازل طايح طالع في الجميع زي المنشار، ما حدا عاجبه .. والناس كلهم بيوكلوا وبيشربوا وبيمرضوا وبيتجوزا وبخلفوا وبحبوا السلام، وبموتوا بسلام إلا ها الحمار... طيب الناس عاجبها تكون حمير، وانت مالك؟ وأنت شو عاصص على ذنبتك؟ وبعدين أخرتها معاك.
قال إيش الناس من الفقر والمرض بيموتوا صغار، يعني بدو الناس يعيشوا لارذل العمر، وحياتهم صارت مثل قفا القرود، ومالها أقفية القرود، سمينة وملظلظة، أحسن من أقفية الدجاج. وبيتكلم ها الحمار عا البطالة وإنو وصلت نسبة عالية، والناس ما بيعرفوا يقرو ولا يكتبوا، والأدهى هادي الديمقراطية، اللي انا مش عارف إلها معنى. يعني كل واحد حمار في البلد لازم يتدخل في شؤون الدولة. مش لو كل شخص لزم حدو وتطلع على رزقه ورزق عياله، مش أفضل.
وصل الحمار يتبختر في مشيته. فتبخر كل غضب حنكشتيكا عليه، ونسي العقوبة اللى ما حد شافها ولا سمع عنها ولا حس فيها.
خرج الإثنان من الإسطبل وتوجها إلى قصر الرئيس وجلسا في صالة العرش الرئاسي يدخنان الأرغيلة، ويراقبان نشرات أخبار الجزيرة.

0 comments:

Post a Comment