Pages

Tuesday, April 5, 2011

عندما زار برنارد شو زعيما عربيا

الثلاثاء 5-4-2011
مقالات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم: 5
نشرت قبل عام من الآن
الكاتب سعيد الغزالي - القدس
زعم حنكشتيكا أن برنارد شو، رحمه الله، كان يتمنى أن يزور بلدا عربيا، وأنه التقى بزعيم عربي في السنة الأخيرة من حياته، ليفهم منه لماذا سبقهم العالم، وهم لا يزالون يراوحون مكانهم على هامش التاريخ والأحداث.
وتحقق له ما أراد، بعد أن استضافه أحد الزعماء العرب، الذي سمع عن برنارد شو، وسخريته اللاذعة. دخل عليه في قصره، فرآه يمسك ساطورا يقطر دما، وقد فرغ لتوه من تقطيع أطراف أحد المواطنين.
قال شو: ما هو الجرم الذي ارتكبه هذا المواطن حتى يستحق هذه العقوبة الوحشية؟
قال الزعيم: لا ضرورة في بلادنا، أن يرتكب المواطن جريمة، حتى أفعل به ما فعلت، فالقانون عندنا، يجيز ارتكاب أفعال السرقة، القتل، النصب، النهب، الهدم، الحرق، النفي، السجن، القصف، الشبح، الشنق، تسويق الأغذية الفاسدة، انتهاك العرض، اغتصاب الأرض، قهر الشعب، التجهيل والتجويع، تضليل الناس، خيانة الوطن... القائمة طويلة طويلة، والقانون يجيزها. كيف يحدث التطور في الأرض بدون هذه الأعمال..
- تقصد أن هذا المواطن ارتكب جريمة أفظع مما عددت
- صدقت، لم يكن بحاجة إلى أطرافه، فبترتهما للتبرع بهم لإحدى المستشفيات، لتعزيز التكافل في المجتمع، من ليس بحاجة إلى أطراف من المواطنين، يتبرع لإخوانه المواطنين المعاقين. لم يتبرع طوعا وأجبرني أن أبتر أطرافه، كرها، وهذا بحد ذاته جرم ثان، لكني أكتفي بعقوبته على الجرم الأول.
- كم كنت رؤوفا به، أسقطت عنه جريمة كبيرة!
- كان يعرف أن كلبي جائع، فلم يطعمه، فأخذته أخذ مقتدر، وأطعمت كلبي من لحم أطرافه
- لم يتعلم الرأفة بالكلاب، المواطنون في بلادكم لا يحبون الكلاب، فظاعة، وإجرام.
- لم يقف الأمر عند هذا الحد
- هل بقيت جرائم أكثر فظاعة؟
- كان يفكر بالزواج، ولم يراع الظروف الاقتصادية السيئة في البلد، خطب فتاة، وعلقها سنوات وسنوات، لأنه لم يقدر أن يفتح بيتا ويعيل أسرة، فأنقذته من ورطته..
- عمل إنساني تشكر عليه.. يبدو أن جرائم المواطن لا تعد ولا تحصى
- لم يكن عصريا ولم يؤمن بالحداثة.
- يا لطيف، كيف يعيش في عصرنا ويكفر بالحداثة
- أرأيت؟ يجب أن تعذرني. أصر على المشي على قائمتيه، وأنت تعرف أنه في عصر الحداثة، توقف المواطنون عن ممارسة عادة المشي المتعبة، الحضارة تغنيهم، الانترنيت، الاتصالات، المواصلات، وصاروا يزحفون على بطونهم.
- هذا من مآثر عصرنا الحديث.. أعذرك، أيها الزعيم، بدأت أحس بمعاناتك.
- رغم ذلك، قدمت له خدمة جليلة، أعطيته فرصة للتدرب على الأعمال المبدعة، دون أن يستخدم أطرافه، يأكل، يشرب، يستحم، يكتب، يذهب إلى السوق، يسبح، يشارك في المباريات، يتسلق الجبال، يشترك في سباقات الماراتون، يفعل كل هذا، فيضاف اسمه إلى موسوعة جينيس، ويخلد كأعظم عبقري في التاريخ.
- أنت أيها الزعيم رؤوف، متسامح، تحب الحيوانات، مصلح، تقدمي، مبدع، ولا يوجد زعيم مثلك في التاريخ. واسمك مثل مواطنك سيضاف إلى الموسوعة العالمية.
- لم يتعاطف مع إخوانه في غزة الذين بترت أطرافهم بقصف الطائرات الإسرائيلية.
- هذا موقف إنساني ووطني، من يسند غزة غيرك
- خشيت أن تجره قدماه ويداه إلى ارتكاب المعاصي
- رائع، أيها العظيم، أنت تعرف حدود الله ونواهيه
- أرهقه المشي في الأرض الوعرة، فالطرقات لدينا ليست معبدة..
- تجلى، أيها الزعيم، يا مشرق الوجه والجبين، صاحب القلب الطيب، وبارك الله فيك. اما الآن اسمح لي أن أعود إلى بلادي..
سحب الزعيم ساطوره، وهجم على برنارد شو...فأخذ يصيح..
فزعت زوجته من صياحه، وأيقظته من نومه. حرك شو ذراعيه وقدميه، وقفز من السرير، وأخذ يرقص، فرحا، وقال قولته الشهيرة:
الان عرفت لماذا سبق العرب عصرهم بعصور.  



0 comments:

Post a Comment