Pages

Saturday, May 28, 2011

مقالات اليوم



رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة: لا عضوية لفلسطين بدون توصية مجلس الأمن
عــ48ـرب + وكالاتتاريخ النشر: 28/05/2011
قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة جوزيف ديس، يوم أمس الجمعة، إن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تحصل على عضوية المنظمة الدولية دون دعم من مجلس الأمن، مما قد يوقعها في براثن حق النقض الأميركي الذي تحاول أن تتفاداه باللجوء إلى الجمعية العامة.

لكنه أكد أن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض لن يقضي على محاولة الفلسطينيين الحصول على الاعتراف بالدولة والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وقال ديس في مؤتمر صحفي إن "قواعد الحصول على عضوية الأمم المتحدة معروفة، ونحن ملزمون بالرضوخ لها، وحق النقض من ضمن تلك القواعد".

وعندما سأل صحفيون ديس هل هناك سبيل لحصول الفلسطينيين على عضوية الأمم المتحدة إذا رفضت الولايات المتحدة ذلك، قال "لا"، لكنه أضاف أن الأمر لن ينتهي على هذا الحال.

وميز ديس بين الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبين انضمام السلطة الفلسطينية كعضو في الأمم المتحدة. وقال إن هناك إجراءات منظمة ومفصلة بهذا الشأن في ميثاق الأمم المتحدة، وأن أي دولة معنية بعضوية الأمم المتحدة يجب أن تقدم طلبا مفصلا إلى مجلس الأمن، وأن الأخير يقدم توصية بذلك إلى الجمعية العامة. وفي حال استخدمت إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حق النقض؛ الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، فإن التوصية تعتبر لاغية.

وقال إن هناك عددا كبيرا من الدول الأعضاء يعترف بدولة فلسطين، بالإضافة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 القاضي بوجوب وجود دولة فلسطينية، مؤكدا أن هذه "عناصر يجب أن تأخذوها في الاعتبار".

وأضاف أن من حق الدول التي تملك حق النقض أن تستخدمه، وأضاف "الأمر متروك للدول الأعضاء كي تتخذ هذا القرار والقواعد معروفة".

من جهته حذر المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إسرائيل من أن اعتراف الجمعية العامة بدولة فلسطينية سيلحق الضرر بمكانتها. وقال في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية العامة إن الاعتراف سيشكل تطورا مؤذيا للغاية بإسرائيل.

يذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد قال في خطابه، الأسبوع الماضي، إن "التصويت في مجلس الأمن لن يقيم دولة فلسطينية"، وإنه يعارض هذه الخطوة، الأمر الذي اعتبر دلالة على نية الولايات المتحدة استخدام حق النقض.

مصادر فلسطينية: انباء عن توافق بين "فتح" و"حماس" على فياض وتشكيل الحكومة الانتقالية بات قريبا
القاهرة، رام الله، غزة –  صحيفة القدس    28/5/2011
قالت مصادر قريبة من المفاوضات الجارية بين حركتي "فتح" و "حماس" لتشكيل الحكومة الجديدة إن الأخيرة أظهرت مرونة عالية غير متوقعة في تشكيل الحكومة، الامر الذي يبعث على التفاؤل بقرب الانتهاء من تشكيلها قريباً. ورجح رئيس وفد "فتح" الى الحوار الوطني عزام الأحمد الانتهاء من تشكيل الحكومة قبل انتهاء مهلة الشهر التي حددها الوفدان للإتفاق.

وكشفت مصادر مطلعة أن رئيس الحكومة في رام الله الدكتور سلام فياض يحظى بتوافق بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل ووزير الخارجية المصري الراعي للمصالحة نبيل العربي.

وقالت المصادر إن جولة الحوارات الأخيرة في القاهرة شهدت بعض المناورات بين وفدي الحركتين، منها تقديم عدد من الاسماء لتولي رئاسة الحكومة، وإسقاط أسماء، ورفع أسماء أخرى بغرض المناورة. وأضافت ان وفد "فتح" اعتمد تكتيكاً يرمي الى إضعاف مكانة فياض رغم معرفته أنه الخيار الوحيد لدى الرئيس عباس. وقالت إن قيادة "فتح" غير راضية عن النفوذ الكبير الذي بات فياض يتمتع به والذي ترى انه يغطي عليها. وأضافت: "قيادة فتح، خصوصاً الرئيس عباس، تدرك أن فياض هو الوحيد القادر على اجتياز الامتحان الصعب لحكومة التوافق الوطني بما يتوقع أن تواجهه من تحديات أبرزها القبول الدولي. لكنها ترى وجوب الحد من قوته التي صنعت له مكانة في مقدم المشهد السياسي".

ورجحت المصادر تجريد فياض من بعض السلطات التي تمتع بها في الحكومات السابقة، خصوصاً وزارة المال. وكشفت ان الرئيس عباس يتجه لاعطاء هذه الوزارة الى رئيس صندوق الاستثمار الدكتور محمد مصطفى.

وتبدي "حماس" مرونة عالية في تشكيل الحكومة، وقالت مصادر في الحركة لـ "الحياة" إن قيادتها لا ترى ما يعيق تولي فياض رئاسة الحكومة، لكنها تسعى الى الحصول على مقابل لذلك.

وذكر أحد قادة الحركة في غزة لـ "الحياة" أن 15 نائباً من نواب الحركة يقومون بحملة لاظهار أهمية بقاء فياض على رأس السلطة نظراً الى نجاحاته اللافته في إدارة المال العام وفي جلب الدعم الدولي وتنفيذ المشاريع.

وتتطلع "حماس" على نحو خاص الى إعادة إعمار قطاع غزة الذي تعرضت بنيته التحتية لتدمير واسع في الحرب الاسرائيلية أواخر عام 2009 ومطلع عام 2010، وترى أن فياض الذي يحظى بقبول دولي واسع، هو الاقدر على تجنيد الدعم وتنفيذ مشاريع إعادة الاعمار.

لكن "حماس" الحريصة على تشكيل حكومة لا تتعرض لأي نوع من الحصار الدولي، تتطلع أيضاً الى تولي عدد من أنصارها حقائب مهمة في هذه الحكومة. وقال مسؤول في الحركة إن "حماس" ترى أن تولي شخصيات مستقلة الحقائب الرئيسة، مثل رئاسة الحكومة والمالية والخارجية والامن سيؤدي الى قبول العالم بها، لكنها في الوقت نفسه ترى ضرورة وجود شخصيات مقربة من الفصائل في هذه الحكومة نظراً الى الدور المهم الذي ما زالت هذه الفصائل تلعبه في الحياة السياسية الفلسطينية. ومن الشخصيات التي إقترحت "حماس" توليها مناصب وزارية في الحكومة الجديدة، كل من الدكتور ناصر الشاعر، والدكتور سمير ابو عيشة، والدكتور غازي حمد. وتولى الشاعر وأبو عيشة مناصب وزارية في حكومة "حماس" الاولى عام 2006. أما حمد، فكان الناطق الرسمي باسم هذه الحكومة وحكومة الوحدة الوطنية التي أعقبت اتفاق مكة.

وقدمت "فتح" قائمة من المستقلين المقربين من الحركة لتولي مناصب وزارية، مثل الدكتورة حنان عشراوي، والدكتور نبيل قسيس، والدكتور علي الجرباوي، وزياد البندك، وغيرهم.

وقالت مصادر في الحركة انها اقترحت تولي عشراوي وزارة الخارجية نظراً لعلاقاتها الدولية الواسعة.

وضمت قائمة "فتح" أسماء من القطاع الخاص والاهلي غير معروفة في الوسط السياسي، مثل المحامي حسام الاتيرة، والمهندس سميح طبيلة، والمهندس الزراعي بسام دراغمة، والمحامي شوقي العيسة، والدكتور عنان المصري، والكاتب احمد عوض، وناديا القواسمي، ويوسف ابو زر، وسعيد حيفا، وأسماء المصري، ونضال صبري، وياسر العموري، ومحمد ناصر، والشيخ حافظ الجعبري، وداود زعاترة، ومحمد شلالده، وأكرم مشهور، ومأمون ابو شهلا. وشملت قائمة "فتح" أكثر من مرشح للحقيبة الواحدة ليتاح لـ "حماس" الاختيار بين المرشحين.

وتوقع الأحمد الانتهاء من تشكيل الحكومة في غضون أسبوعين، وقال إن باقي ملفات المصالحة ستفتح فور الانتهاء من تشكيل الحكومة، مثل تشكيل الاطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير والشروع في إطلاق المعتقلين، وإعادة فتح المؤسسات المغلقة وغيرها.

وفي القاهرة، أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق لـ "الحياة" أن فياض مستبعد كمرشح للحكومة، مشيراً إلى أن فياض هو خيار الرئيس عباس وليس خيار "فتح".

وشدد أبو مرزوق على أن اختيار موقع رئاسة الحكومة ومن سيشغل الحقائب الوزارية سيتم بالتوافق بين الحركتين، لافتاً إلى أن الحكومة المقبلة ليست معنية بالمفاوضات والشأن السياسي برمته، وأن مهامها محددة وهي إدارة الفترة الانتقالية والإشراف على متابعة تنفيذ اتفاق المصالحة.

واستبعد أبو مرزوق إمكان استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيراً إلى أن الرئيس الفلسطيني كان واضحاً عندما اشترط وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات.

وتابع: "الإسرائيليون مستمرون ولا يتوقفون عن بناء المستوطنات، سواء في الضفة الغربية أو في القدس، إضافة إلى أن خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أعلن عن موقفه بوضوح بأن لا عودة إلى حدود الخامس من حزيران (يونيو) عام 1967". وتساءل باستنكار: "على ماذا إذاً يتفاوض الفلسطينيون وما مرجعية التفاوض؟".

ورأى أبو مرزوق أن من الصعب على عباس خوض المفاوضات وفق هذه الشروط التي وصفها نتنياهو والمدعومة أميركياً، وتساءل: "أليس الهدف أو الغرض من المفاوضات إقامة دولة فلسطينية على حدود الخامس من حزيران (يونيو) عام 1967، فكيف سيتحقق ذلك في ظروف الموقف الإسرائيلي المعلن؟".

وكان وفد من "حماس" يضم كلاً من أعضاء المكتب السياسي خليل الحية ونزار عوض الله غادر غزة أمس في طريقه إلى دمشق للتشاور مع قيادة الحركة في المستجدات على الساحة الفلسطينية.

تبادل الأراضي ينسف حدود 1967
بقلم: نقولا ناصر     امين للاعلام      28/5/2011
يقود الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم وعلنا "حملة" عالمية، بالنيابة عن دولة الاحتلال  الإسرائيلي، ضد مسعى مفاوض منظمة التحرير الفلسطينية للحصول على عضوية "دولة فلسطين" في الأمم المتحدة، ويعتبر هذا المسعى "ببساطة غير واقعي" و"خطأ" ومجرد عمل "رمزي.. لعزل إسرائيل في الأمم المتحدة.. ولن يحقق هدفه المعلن في الحصول على دولة فلسطينية"، ويتعهد بأن لا تكون الولايات المتحدة "متعاطفة" معه وبأنها "سوف تظل" تدافع عن رأيها هذا "في الأمم المتحدة وفي اجتماعاتنا المختلفة حول العالم على حد سواء".

ويصر الرئيس الأميركي الرابع والأربعين على أن لا يترك أي مجال للدفاع عنه لمن ما زال من عرب فلسطين والعرب بعامة يراهن عليه كي ينجح في ما فشل فيه كل أسلافه في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بل كي يشذ عن سياسة الانحياز الكامل وازدواجية المعايير لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الصراع العربي معها.

فهو اليوم قد تجاوز الحد الفاصل بين إدعاء العجز عن الوفاء بوعوده لهم وبين الجرأة المكتشفة حديثا لديه على تبني جدول أعمال أكثر حكومة متطرفة في رفضها حتى لشروط الحد الأدنى لأي تسوية سياسية في تاريخ دولة المشروع الصهيوني ليحول بلاده علنا وعمليا إلى شريك لدولة الاحتلال في احتلالها، وهو ما كانت الدبلوماسية العربية والفلسطينية تدركه دائما دون أن تفصح عنه أملا في "معجزة" قد تحدث يوما فتجعل واشنطن تمنح ألأولوية للمصالح الأميركية على مصالح دولة الاحتلال بعد عقود طويلة من الزمن طغت فيها المصالح الثانية على الأولى.

وهو خلال جولته الحالية التي تستغرق ستة أيام في أربع دول أوروبية "شن حملة لإقناع القادة الأوروبيين بعدم الموافقة على محاولة فلسطينية منفصلة للحصول على دولة" كما قالت صحيفة لوس أنجيليس تايمز الخميس الماضي، ناسبة إلى مسؤولين أميركيين القول إن أوباما وضع هذه "القضية في رأس أولوياته طوال جولته" كي يحول قمة الثمانية الكبار إلى "جبهة متحدة" في مواجهة المسعى الفلسطيني.

وعلى ذمة "ذى غلوب اند ميل" الكندية يوم الأربعاء الماضي سعى أوباما إلى إصدار بيان موحد من القمة يؤكد على "طريق تفاوضي إلى دولة فلسطينية" كـ"هدف رئيسي" للقمة التي انعقدت في مدينة دوفيل الفرنسية من أجل "استباق" إصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة "يعلن دولة فلسطينية ضد إرادة إسرائيل". وباراك أوباما يعرف بأن "الفيتو" الأميركي قادر منفردا على إجهاض المسعى الفلسطيني.، لكنه يسعى إلى تأليف "جبهة عالمية" لإجهاضه.

إن منظمة التحرير لا تسعى إلى اعتراف بدولة فلسطينية أعلنتها منذ عام 1988. وكما أعلن سفير مصر لدى الأمم المتحدة، مجد عبد العزيز، في نيويورك مؤخرا، يوجد اليوم 112 دولة عضو في الهيئة الأممية تعترف بها. بل تسعى المنظمة إلى قبولها عضوا في الأمم المتحدة. وحسب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، جوزيف دايس، في مقابلة نشرتها "جاكرتا بوست" الاندونيسية الخميس الماضي، هناك ثلاث خطوات على المنظمة اتباعها لهذا الغرض، أولها تقديم طلب بذلك إلى الأمين العام، وثانيها وجوب أن يعرض الأمين العام هذا الطلب على مجلس الأمن لمناقشته ثم يحيل المجلس توصية له بهذا الشأن إلى الجمعية العامة، وثالثها أن تتخذ الجمعية العامة قرارا بشأن الطلب تحتاج الموافقة الايجابية عليه إلى تأييد ثلثي الأعضاء البالغ عددهم الآن 192 عضوا، أي 128 عضوا.

ومن الواضح أن حق النقض "الفيتو" الأميركي في مجلس الأمن هو ممر إجباري مجرب فلسطينيا وعربيا، ومن المؤكد أن أوباما يوصد هذا الباب تماما أمام الطلب الفلسطيني، ويقود "حملة" عالمية لإجبار منظمة التحرير على العودة إلى طاولة مفاوضات أثبتت عقمها حتى الآن، ومن المؤكد أن خطابيه الخميس قبل الماضي والأحد الذي تلاه وكذلك خطابي رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في الكنيست ثم في الكونغرس الأميركي لم يتركا مجالا لأي مفاوضات يمكن أن يدخلها أي مفاوض فلسطيني بماء وجه يكفي للنظر في أعين شعبه.

لقد طالب أوباما بتجميد الاستيطان كشرط لاستئناف التفاوض وتراجع عندما تبنى الرئيس محمود عباس ما طالب به. وأعلن أوباما في أيلول/ سبتمبر العام الماضي عن أمله في رؤية الدولة الفلسطينية عضوا في الأمم المتحدة في الشهر ذاته من هذا العام وعندما بدأ عباس يستعد لذلك فعلا تراجع أوباما ثانية وها هو اليوم يشن "حملة" عالمية لمنع عباس من الحصول على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.

ومع أن المؤمن لا يلدغ من الجحر ذاته مرتين فإن الرئيس عباس وفريق مفاوضيه ينوون كما يبدو أن يثبتوا بأن بني آدم خطاء بالرغم من ايمانه، ولهذا بدأوا يلوحون باستئناف المفاوضات، فالرئيس عباس يكرر بأن "المفاوضات ما زالت خيارنا الأساسي" و"يرحب" بحملة أوباما الدولية من أجل استئنافها كبديل للتوجه إلى الأمم المتحدة، واللجنة التنفيذية للمنظمة لا اعتراض لديها على تبادل الأراضي كأساس لاستئنافها وتشترط فقط أن يكون استئنافها "عملية سياسية جادة" و"وضع آلية فعلية وجدول زمني" لها قبل أيلول / سبتمبر المقبل كما قال أمين سرها ياسر عبد ربه وهو يكرر باسم اللجنة "الترحيب" بموقف أوباما، وهو ذاته موقف نتنياهو الذي هلل له الكونغرس الأميركي.

لقد اعتبر مفوض العلاقات الخارجية في حركة فتح د. نبيل شعث، هذا الموقف "إعلان حرب على الفلسطينيين"، معبرا بذلك عن إجماع وطني لا يشذ عنه سوى المفاوض الذي رحب به. إن ترحيب المنظمة "بجهود أوباما" التي تنصب على إجهاض تحركها في اتجاه الأمم المتحدة يبدو كاستسلام في هذه الحرب قبل أن تبدأ، ربما لأن هذا المفاوض على الأرجح لا يأمل في نجدة من لجنة المتابعة العربية في الجامعة التي عجزت عن عقد مؤتمر قمتها العادية هذه السنة، ولا يأمل في اللجنة الرباعية الدولية التي خذلته بتأجيل اجتماعها المقرر الأخير مرتين.

وتنذر بوادر استسلام مفاوض المنظمة لجدول أعمال أوباما – نتنياهو بخطر على المصالحة الوطنية يهدد بتجريده من مصدر القوة الوحيد المتبقي له وهو الوحدة الوطنية المأمولة من اتفاق المصالحة الأخير في القاهرة.

عندما نسف أوباما رؤيته لدولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 بربطها بـ"تبادل للأراضي" فهمت دولة الاحتلال تماما التناقض بين الأمرين، لكنها كانت تريد تأكيدا معلنا وتفصيليا ولذلك أصدر مكتب نتنياهو بيانا جاء فيه إنه "يتوقع إعادة تأكيد من الرئيس أوباما على التزام الولايات المتحدة بالتعهدات التي قدمتها عام 2004"، وكان يشير إلى التعهدات التي قدمها جورج دبليو. بوش، سلف أوباما، في رسالة إلى رئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق آرييل شارون في 14/4/2004، ومنها عدم الانسحاب إلى خطوط 1967 من أجل السماح لدولة الاحتلال بضم المستعمرات الاستيطانية الكبرى وضمان يهودية دولة الاحتلال بعدم السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إليها. وقد استجاب أوباما لهذا الطلب في خطابه أمام منظمة "ايباك"، الذي امتدحه نتنياهو، لأن أوباما "منحه نصرا دبلوماسيا كبيرا" كما كتب ألوف بن في هآرتس. ومن تلك التعهدات بدأ التركيز على فكرة "تبادل الأراضي".

إن قبول مفاوض المنظمة بهذه الفكرة بل ودخوله في مفاوضات فعلية على أساسها هو تخبط قصير النظر يدفع هذا المفاوض ثمنه الآن بحيث لم يصدر عنه أي نقد أو احتجاج على مطالبة أوباما بأن "يتفاوض الإسرائيليون والفلسطينيون على حدود مختلفة عن تلك التي كانت موجودة في الرابع من حزيران / يونيو 1967"، فالرئيس الأميركي في نهاية المطاف جدد ما تعهد به سلفه لدولة الاحتلال وما كان مفاوض المنظمة قد وافق عليه.

وإذا كان نتنياهو يشترط التزام الولايات المتحدة بتعهدات بوش لشارون كمرجعية أساس للدخول في مفاوضات، فإن صدقية المنظمة في المطالبة بدولة فلسطينية على حدود 1967 تقتضي، كشرط مسبق للتفاوض، أن تتخلى واشنطن عن هذه التعهدات لاثبات صدقيتها بدورها في أنها تسعى حقا إلى حل دولتين على أساس تلك الحدود. وإذا كانت المنظمة قد اخطأت بذهابها إلى مؤتمر أنابوليس عام 2007 ثم أخطأت بموافقتها على استئناف المفاوضات في مستهل ولاية اوباما لأنها لم تطالب بذلك فإن تلميحها الآن باستعدادها لاستئناف المفاوضات دون المطالبة به سوف يتحول إلى خطيئة لا تغتفر.

قيمة المستوطنات 18 بليوناً و793 مليون دولار
الناصرة – أسعد تلحمي    الحياة       28/5/2011
كشف تحقيق يعتبر الأكبر من نوعه في شأن المشروع الاستيطاني (وتحديداً قيمة المستوطنات) في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أن «قيمة المستوطنات الثابتة وعددها 123 مستوطنة (باستثناء البؤر الاستيطانية العشوائية) بلغت بحلول الشهر الجاري 18 بليوناً و793 مليون دولار، وهي قيمة عشرات آلاف البيوت وعقارات مختلفة، خصوصاً الممتلكات العامة.

الكشف عن هذا التقرير الذي أعده «مركز ماكرو للاقتصاد والسياسة» بطلب من الحكومة الإسرائيلية السابقة، وتواصَل في السنتين الأخيرتين بتمويل أوروبي، يتزامن مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في واشنطن الأسبوع الجاري أن الحل الدائم سيبقي مستوطنات خارج إسرائيل (في إشارة إلى مستوطنات نائية مزروعة في قلب الضفة الغربية). ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الغرض الرئيس من طلب هذا التحقيق من جانب حكومة ايهود اولمرت قبل ثلاث سنوات، هو إعداد القاعدة الاقتصادية لــ «قانون الإخلاء والتعويض» استعداداً لسيناريو متوقع في المستقبل لإخلاء مستوطنات أو تبادل أراض.

وقال المكلف من الحكومة السابقة متابعة المشروع يوآف لافي للصحيفة إن الحديث يدور عن تحقيق جدي، وإنه مع انتهاء ولاية الحكومة، تم تقديم نتائج التحقيق للحكومة الحالية.

وتابعت الصحيفة أنه تم تحديث ذلك التقرير بتمويل «جهات رسمية أوروبية لها مصلحة في متابعة ما يدور في الشرق الأوسط»، كما أفاد معد التحقيق ومدير مركز «ماكرو» الدكتور روبي نتنازون، مضيفاً أنه يعتزم تسليم التحقيق إلى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو «لأني أعتقد أن التقرير ذو أهمية كبيرة في هذه الأيام».

وأشار التحقيق إلى أن قيمة المستوطنات مالياً كانت عام 2004 نحو 12 بليوناً و600 مليون دولار، وقفزت العام الماضي إلى 17.5 بليون دولار، كما ارتفعت الشهر الجاري بنحو 1.5 بليون دولار إضافي.

ويتعرض التقرير بالتفاصيل إلى الأوضاع الاجتماعية – الاقتصادية في كل من المستوطنات، ومساحة كل منها. كما أنه يميز بين المستوطنات التي ضمها الجدار الفاصل إلى تخوم إسرائيل ويقطن فيها 245 ألف مستوطن، وتلك التي بقيت شرق الجدار ومرشح بعضها، إسرائيلياً، للإخلاء في حال التوصل إلى تسوية دائمة. ويقطن في هذه المستوطنات 73 ألف مستوطن. كما أشار التقرير إلى أن عدد الشقق السكنية في المستوطنات ارتفع عام 2008 (عهد أولمرت) بـ 6760 وحدة، ومنذ عام 2010 وحتى الشهر الجاري أقيمت 4710 شقق جديدة وارتفع عدد المستوطنين بـ 19 ألفاً.

ونقلت الصحيفة عن مخمني أراض توقعهم بأن ترتفع أسعار الشقق في البلدات الإسرائيلية في منطقة تل أبيب في شكل كبير في حال إخلاء مستوطنين من الضفة. وقال رئيس اتحاد أرباب الصناعة نيسيم بوبليل إن إسرائيل ليست جاهزة لاستقبال عدد كبير من المستوطنين إزاء النقص الحاد في عدد المساكن، خصوصاً في البلدات المتدينة المتوقع أن ينتقل إليها المستوطنون الذين قد يتم إخلاؤهم.

عالم من المناطق المتعاونة
جيفري دي. ساكس     الخليج الاماراتية        28/5/2011
*أستاذ الاقتصاد ومدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا .
في كل أنحاء العالم تقريباً هناك من المشكلات العويصة التي ظلت تتفاقم لعقود من الزمان ما يمكن حله من خلال التعاون الوثيق بين البلدان المتجاورة . ويقدم الاتحاد الأوروبي النموذج الأفضل للكيفية التي يستطيع بها الجيران الذين تحاربوا في ما بينهم طويلاً أن يلتقوا على منافع وفوائد متبادلة . ومن عجيب المفارقات أن يكون تراجع أمريكا اليوم بوصفها قوة عالمية عظمى سبباً في التعاون الإقليمي الأكثر فعالية .

قد يبدو التوقيت الآن غريباً للثناء على الاتحاد الأوروبي وامتداحه، في ضوء الأزمة الاقتصادية في اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا . صحيح أن أوروبا لم تنجح في حل مشكلة الموازنة بين مصالح البلدان القوية اقتصادياً في الشمال ومصالح البلدان الأضعف اقتصاداً في الجنوب . ولكن الإنجازات التي حققها الاتحاد الأوروبي تفوق - رغم ذلك - الصعوبات التي يواجهها حالياً .

لقد نجح الاتحاد الأوروبي في تأسيس منطقة يسودها السلام على أرض شهدت ذات يوم حروباً طاحنة لا هوادة فيها . وقدم لنا الاتحاد الأوروبي الإطار المؤسسي لإعادة توحيد شطري أوروبا الغربي والشرقي . كما عزز البنية الأساسية على نطاق إقليمي . وكانت السوق المشتركة العامل الحاسم في تحول أوروبا إلى واحدة من أكثر مناطق العالم ازدهاراً على كوكب الأرض . وكان الاتحاد الأوروبي رائداً عالمياً في مجال الاستدامة البيئية .

ولهذه الأسباب فإن الاتحاد الأوروبي يقدم نموذجاً فريداً لمناطق أخرى لا تزال عالقة في أوحال الصراع والفقر والأزمات البيئية والافتقار إلى البنية الأساسية . والواقع أن بعض المنظمات الإقليمية الحديثة، مثل الاتحاد الإفريقي، تتطلع إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره نموذجاً وقدوة في ما يتصل بحل المشكلات الإقليمية والتكامل . ورغم ذلك فإن أغلب التجمعات الإقليمية تظل إلى يومنا هذا أضعف من أن تتمكن من حل المشكلات الملحة التي يوجهها أعضاؤها . في أغلب المناطق الأخرى، ترجع جذور الانقسامات السياسية الجارية إلى الحرب الباردة أو الحقبة الاستعمارية . ففي أيام الحرب الباردة، كان الجيران كثيراً ما يتسابقون إلى “اختيار أحد الجانبين” فإما أن يتحالفوا مع الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي . فمالت باكستان باتجاه الأمريكيين، في حين مالت الهند باتجاه السوفييت . ولم يكن لدى البلدين القدر الكافي من التحفيز أو الدافع لصنع السلام مع جيرانهما ما داما يتمتعان بالدعم المالي من الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي . بل إن الصراعات المستمرة كثيراً ما كانت تؤدي بشكل مباشر إلى المزيد من المساعدات المالية .

الواقع أن الولايات المتحدة وأوروبا كثيراً ما عملتا على تقويض التكامل الإقليمي، الذي تصورتا أنه من شأنه أن يحد من أدوارهما كوسطاء للقوة . لذا فحينما أطلق جمال عبدالناصر الدعوة إلى الوحدة العربية في خمسينات القرن العشرين، نظرت إليه الولايات المتحدة وأوروبا باعتباره تهديداً . فسارعت الولايات المتحدة إلى إضعاف الدعوة التي أطلقها إلى تعزيز التعاون العربي والقومية العربية، خوفاً من خسارة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط . ونتيجة لهذا اتجهت مصر تحت زعامة عبدالناصر نحو الانحياز المتزايد للاتحاد السوفييتي، وفي النهاية فشلت في مسعاها الرامي إلى توحيد المصالح العربية .

بيد أن الواقع اليوم يؤكد أن القوى العظمى لم تعد قادرة على تقسيم واحتلال مناطق أخرى، حتى ولو حاولت . فقد ولى عصر الاستعمار، ونحن الآن نتجه إلى عصر ما بعد الهيمنة العالمية الأمريكية . والواقع أن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تعكس بوضوح انحدار نفوذ الولايات المتحدة . ذلك أن فشل أمريكا في الفوز بأي ميزة جيوسياسية دائمة من خلال استخدام القوة العسكرية في العراق وأفغانستان يسلط الضوء على حدود قوتها، في حين تؤكد أزمة الميزانية التي تواجهها اضطرارها إلى خفض مواردها العسكرية عاجلاً وليس آجلا . وعلى نحو مماثل، لم تلعب الولايات المتحدة أي دور في الثورات السياسية الجارية في العالم العربي الآن، بل ولم تُظهِر حتى الآن أي سياسة واضحة في التعامل مع هذه الثورات .

كان الخطاب الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما مؤخراً بشأن الشرق الأوسط تأكيداً إضافياً لتراجع النفوذ الأمريكي وانحداره في المنطقة . ذلك أن أبرز ما في الخطاب كان دعوة “إسرائيل” إلى العودة إلى حدود عام ،1967 ولكن تأثير هذه الدعوة تلاشى عندما رفضت “إسرائيل” بشكل بات وقاطع موقف الولايات المتحدة . وبوسع العالم الآن أن يدرك أن المتابعة العملية لهذا الموقف سوف تكون هزيلة إلى حد كبير .

والواقع أن باقي الخطاب كان أكثر دلالة، ولو أنه لم يسترع قدراً كبيراً من الاهتمام العام . فعندما ناقش أوباما الاضطرابات السياسية العربية، علق على أهمية التنمية الاقتصادية . ولكن عندما تعلق الأمر بالتحرك من جانب الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، فلم يسعها أن تعرض أكثر من إعفاء مصر من قدر ضئيل من الديون المستحقة عليها (مليار دولار)، فضلاً عن ضمانات قروض تافهة (مليار دولار أخرى) وبعض التغطية التأمينية لاستثمارات خاصة .

نحن باختصار نتحرك في اتجاه عالم متعدد الأقطاب . ومن الواضح أيضاً أن نهاية الحرب الباردة لم تسفر عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة، بل أدت في الواقع إلى توزع القوة العالمية على مناطق عديدة . فالآن اكتسبت مناطق مثل شرق آسيا، وجنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط نفوذاً جيوسياسياً واقتصادياً جديداً . ويتعين على كل من هذه المناطق الآن أن تجد طريقها الخاص نحو التنمية الاقتصادية، وتأمين الطاقة والغذاء، وتشييد البنية الأساسية الفعّالة، كما بات لزاماً عليها أن تفعل ذلك في عالم مهدد بتغير المناخ وندرة الموارد .

ومن هنا فإن كل منطقة سوف تكون ملزمة بتأمين مستقبلها . ولا شك في أن هذا لابد أن يتم في سياق من التعاون في ما بين المناطق المختلفة وداخل كل منطقة على حِدة .

الواقع أن الشرق الأوسط في موقف قوي يسمح له بمساعدة نفسه . فهناك درجة عالية من التكاملية بين مصر ودول الخليج الغنية بالنفط . فمصر قادرة على توريد التكنولوجيا والطاقة البشرية وقدر لا بأس به من الخبرات للمنطقة العربية، في حين تستطيع دول الخليج توفير موارد الطاقة والتمويل، فضلاً عن بعض المتخصصين . والآن بات من الأهمية بمكان أن يعاد طرح رؤية الوحدة الاقتصادية العربية التي تأخرت طويلاً .

وينبغي لـ”إسرائيل” أيضاً أن تعترف بأن قدرتها على ترسيخ أمنها وازدهارها في الأمد البعيد سوف تتعزز في إطار منطقة أكثر قوة وازدهاراً على الصعيد الاقتصادي . والآن يتعين على “إسرائيل” أن تتصالح مع جيرانها إن كانت راغبة في حماية مصالحها الوطنية الخاصة .

هناك مناطق أخرى أيضاً سوف تجد في تراجع قوة الولايات المتحدة سبباً لتعاظم إلحاح الحاجة إلى تعزيز التعاون مع الجيران . ولابد من نزع فتيل بعض من أعظم التوترات في العالم  ولنقل بين الهند وباكستان، أو بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية  كجزء من تعزيز قوة مثل هذه المناطق بالكامل . وكما أثبت الاتحاد الأوروبي فإن العداوات القديمة وخطوط القتال من الممكن أن تتحول إلى تعاون وتبادل للمنفعة إذا تطلعت أي منطقة إلى المستقبل، من أجل العمل على تلبية الاحتياجات بعيدة الأمد، بدلاً من الانتكاس والعودة إلى الخصومات والصراعات القديمة .

خريف أوباما وربيع الثورة العربية  
نبيل شبيب       الجزيرة نت        28/5/2011
زعزعت القوى الشبابية التي ظهرت للعيان عبر الثورات العربية كثيرا من المسلمات على مستوى النخب والشعوب والأنظمة، ومن ذلك إثبات قدرة الشعوب انطلاقا من جيل الشبيبة على التغيير السلمي، دون قيادات تقليدية.

ومن المفروض أن كلمة الرئيس الأميركي أوباما يوم 19/5/2011 استهدفت التعامل مع الوضع الجديد، فهل تجاوزت المسلمات باتجاه المتغيرات الجارية فكرا وأسلوبا وحصيلة؟ وهل يجري التعامل مع كلمته من جانب النخب العربية وفق المتغيرات، أم سيبقى أسير قوالب التفكير التقليدية العتيقة؟

الثوابت الأميركية والمتغيرات العربية
في القاهرة قبل أكثر من عامين، كان أوباما نفسه يمثل "العنصر الجديد" في الساحة الدولية ويحمل شعار التغيير تحت إبطه وفي كلماته، بينما يمثل جيل الشبيبة العربي الآن العنصر الجديد، عربيا وعالميا، والانطلاقة الكبرى لصناعة التغيير على أرض الواقع وليس رفع الشعار فقط.

هل استوعب ذلك رئيس الدولة الكبرى التي تواجه علامات التصدع لهيمنتها الدولية على أكثر من صعيد مالي واقتصادي وسياسي وعسكري، ناهيك عن جانب العلاقة المتصدعة من قبل على صعيد العلاقة بين منظومة القيم والأخلاق وبين ما يوصف بالسياسات الواقعية والمصلحية؟

لا يبدو ذلك لأسباب عديدة، منها:
1- حدد أوباما في مطلع كلمته خمسة بنود قديمة تمثل ثوابت سياسة دولته، بدأها بحاضنة تلك الثوابت: "الأمن القومي الأميركي"، وختمها بأبرز أغلال السياسة الأميركية تجاه المنطقة العربية: "الأمن الإسرائيلي جزء من الأمن الأميركي"، وعدد من بينها مثلا: "حظر انتشار الأسلحة النووية" مما يذكر باحتلال العراق من قبل وينوه بالتعامل الحالي مع إيران.

2- وضعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في تقديم أوباما للسامعين إطارا للنظرة الأميركية القديمة الجديدة إلى المنطقة العربية، فهي عندها -كما ظهر خلال كلمة أوباما أيضا- منطقة "الشرق الأوسط والشمال الأفريقي"، ولئن جدد ربيع الثورة العربية الإحساس بوحدة "المنطقة العربية" شعبيا وهدفا، فالمصطلح "الجيوسياسي" الغربي يؤكد استمرار التشبث بهدف "التجزئة".

3- الجزء الأكبر من كلمة أوباما كلام تعميمي، تضمن الحديث عن دعم المجتمع المدني والتحوّل الديمقراطي، وعن التنمية عبر اعتماد التجارة والاستثمارات بدلا من القروض، وتصريحات متباينة تجاه أنظمة الأقطار العربية المعنية، بدءا بتونس انتهاء بالبحرين، وسوى ذلك مما استفاض في الحديث عنه، وجميعه مما لا تظهر مقاصده ومحدداته دون وضعه في ميزان ما سبقت الإشارة إليه من ثوابت أميركية، فهل يمكن مثلا تصور أن تتخذ المساعدات الأميركية -والغربية- مستقبلا صيغة أخرى تلغي الهيمنة والاستغلال وتثبت قواعد المصالح المتبادلة على أسس نزيهة؟

4- الجانب الأهم من حيث التوقعات قبل كلمة أوباما، هو الموقف مما أصبح يوصف بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، كمحاولة لتجريده من بعده العربي والإسلامي، وهنا انطوت الكلمة على تراجع كبير، ليس على صعيد تغييب مطالبته بوقف الاستيطان فحسب، بل بتثبيت موقفه من ثلاثة مطالب إسرائيلية جذرية في المرحلة الراهنة من تاريخ قضية فلسطين: اعتبار "إسرائيل دولة لليهود"، وتأجيل بندي القدس والعودة، ومعارضة الإعلان عن دويلة فلسطينية مستقلة عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهنا يصبح تنويهه المشروط بحدود 1967م أقل قيمة من مطالبته بوقف الاستيطان قبل سنتين ونيف، ليتراجع عنها لاحقا.

سيان هل استوعب الرئيس الأميركي ربيع الثورة العربية وحجم ما يعنيه على صعيد قضية فلسطين المحورية، أم لم يستوعب، فالأهم هو "الاستيعاب" والتعامل العربي مع حقيقة أن السياسات الأميركية الحالية هي ذاتها السياسات القديمة، لم تتغير ثوابتها ولا حتى وسائلها، وإن ارتدت الوسائل رداء "التعبير" عنها بصياغات أخرى.

الحصان الأميركي الخاسر
تغلغل في كلمة أوباما ما يتشبث به مفكرون ومحللون غربيون. أن الثورات العربية محصورة في أمرين، أولهما القيم الغربية من وراء إسقاط الاستبداد، عبر الشعوب الثائرة، والأمر الثاني هو تأكيد أهمية المساعدات الغربية من أجل تنمية ترفع مستوى المعيشة، ويعني كلا الأمرين استمرار التفكير بربط مستقبل المنطقة بعد ربيع ثوراتها، بالغرب كما كان الأمر طوال عقود سابقة حافلة بالاستبداد والتخلف. ومن هنا تكرر الأطروحات الغربية القول بأسلوب التمني ليمكن تصديقه، إن ثورات الشعوب ليست موجهة ضد الأميركيين والإسرائيليين.

لا يعني ذلك غياب رؤية الثورات على حقيقتها وما يمكن أن تفضي إليه، بل تسويغ الجهود الغربية المبذولة الآن بعد الصحوة من مفاجأة تونس ثم مفاجأة مصر، وتركيزها على أمرين: أولهما ربط حصيلة الثورات بالرؤى الغربية التقليدية الثابتة، مما يجري عن طريق عروض المساعدات المباشرة للقوى التقليدية المرتبطة بالغرب فكرا وأسلوب عمل، لإيجاد مرتكزات جديدة في مستقبل عربي "آخر"، والثاني هو التأثير المباشر ما أمكن على مجرى الثورات التالية، وهو ما يتضح للعيان من خلال اليمن وليبيا وسورية حاليا.

هنا يأخذ عنوان "حماية الحلفاء" مكانه ضمن الثوابت الخمسة في مطلع كلمة أوباما، مع قوله: "كما كنا نفعل حتى الآن". المقصود طمأنة من سيطر القلق عليهم من الأنظمة العربية بعد سقوط "مبارك" تخصيصا، ولهذا لم يشمل تعميم الدعوة للاستجابة إلى إرادة الشعوب، ذكر بلد من البلدان "الحليفة" حتى الآن، إنما لم يعد غائبا عن أنظمتها أن الحماية الأميركية يمكن أن تترنح اضطرارا عبر محطات التردد والتخبط إزاء ثورة شعبية كبرى كما كان في مصر، ويمكن أن تقاوم طويلا، كما يجري في اليمن، ثم تترنح اضطرارا من بعد.

وهذا مما يستدعي التساؤل: علام لا تتخلى الأنظمة العربية المعنية عن الحصان الأميركي الخاسر -أو الصهيوأميركي- وتلجأ بنفسها إلى التحالف مع "إرادة شعوبها" وإلى صناعة بديل أمني إقليمي جديد، في الوقت المناسب، لمواجهة "تمدد" ما يُصنع باسم الأمن القومي الأميركي ويتمدد داخل أقطار تلك الشعوب التي لم يعد مستبعدا أن تصنع مزيدا من الثورات؟

الواقع أن الرئيس الأميركي صاحب شعار "التغيير" لم يأتِ بجديد فيما يعتبره صياغة تعامل جديد مع البلدان العربية، بل بدا الآن بعد مضي ستة شهور على بزوغ ربيع الثورة العربية في تونس، مضطرا إلى البحث عن العبارة المناسبة، فيما يشبه المهمة المستحيلة، للجمع بين نقيضين:

1- تأكيد الارتباط بالشعوب وبالتالي استمالة قوى قيادية جديدة تنبثق تدريجيا عن الثورات الشعبية المتتابعة، عسى أن يمكن الاعتماد عليها في متابعة تحقيق الأهداف الأميركية وفق "الثوابت" التي أكدها من البداية.

2- مراعاة الارتباط المستمر بين دولته وقوى مسيطرة شبه مستقرة عبر أنظمة حاكمة، ترى في تلك الثورات خطرا يتهددها، وقد تزعزت ثقتها بقدرة الحليف الأميركي على حمايتها، وطالما اعتبرته رسميا أو تعاملت معه واقعيا باعتبارها يحميها، داخليا وليس إقليميا وخارجيا فقط.

لم يخرج أوباما عما سبقت الإشارة إليه من "قوالب تفكير وتعامل" تقليدية مسلم بها، ولكن الأهم من ذلك أن تخرج النخب العربية، في السلطة الحاكمة والمعارضة التقليدية، من تلك القوالب، فهذا شرط حاسم في مواكبة التغيير التاريخي الجاري عبر ربيع الثورة العربية، وهو الذي يمثل اللحاق بقطاره أو فوات الأوان.

علقم المساعدات الأميركية
يلفت النظر أن ردود الفعل الأولى من ساحات الثورة العربية، لم تكن "عربية" بل "قطرية"، والأرجح أن يتكرر المشهد الذي تلا كلمة أوباما في القاهرة، عندما غلب "الترحيب" ثم انتشرت "خيبة الأمل" على نطاق واسع. والأصل ألا تنعقد آمال كبيرة ولا صغيرة على الكلمة، فمستقبل المنطقة هو ما تصنعه إرادة شعوبها بعد أن خرجت من حقبة الكمون والاحتقان إلى حقبة الثورة والتغيير.

لمح أوباما إلى مشروعية المجلس الانتقالي الليبي، فاقتصرت ردود الفعل الأولى بمنظور ليبي قطري من جانب بعض المتحدثين باسم ثورة شعب ليبيا على هذا الجانب مرحبين، ولمح إلى تنحي الرئيس اليمني، فتكرر رد الفعل يمنيا، ولمح إلى تخيير الرئيس السوري بين الإصلاح والتنحي فتكررت الصورة سوريّا، وبدا أن تلميحه للبحرين مجرد محاولة لنفي تهمة ازدواجية المعايير.

وفي سائر الحالات تعبر ردود الفعل الأولية عن ضيق النظرة عن رؤية الثوابت الأميركية، ورؤية موقع الحدث القطري ضمن إطار التغيير التاريخي الأشمل الجاري عبر ربيع الثورة العربية، ذات القواسم المشتركة بين سائر الأقطار.

أما ما يعرضه أوباما فقديم مضمونا وهدفا بصورة كاملة، ولا جديد في صياغته إلا بصورة محدودة، ومحوره تقديم العون على البناء الديمقراطي والتنمية الاقتصادية وحقوق المرأة وما يتبع لذلك.

ومنذ بلغت ثورة تونس ثم ثورة مصر الهدف الأول: إسقاط النظام، وبدأت "معركة" بناء نظام جديد للحياة والحكم، تسارعت عروض الغرب لتقديم الدعم المالي، وتكثفت حملات التواصل المباشر مع أحزاب ومنظمات مدنية جديدة وأخرى قديمة كانت محظورة أو ضعيفة أو محاصرة.

طوال القرن الميلادي العشرين وما بعد لم تحقق المساعدات الأميركية والغربية عموما، تغييب الاستبداد والفساد والتخلف في المنطقة العربية، ولن تكون عنصرا في تغييب ذلك في المستقبل المنظور، كما أن قيام علاقات بالغرب على أساس مصالح متبادلة لن يأتي عبر تغيير ذاتي مستبعد في الثوابت الغربية، ولكن يمكن أن يأتي نتيجة تغيير محلي تصنعه الثورات العربية، فيفرض نتائجه على الساحة الدولية.

إنّ حرص أوباما على ذكر الثوابت الأميركية، يعني أن جميع العروض الجديدة كالقديمة، مرتبطة بألغام تصنعها تلك الثوابت، على النقيض مما تقول به حجج يوردها بعض المتفائلين بحدوث تبدل في الممارسات الأميركية والغربية، كالقول، إن المسؤولين عن صناعة القرار من ورائها أدركوا الآن -لا سيما عبر ما صنعت الثورات العربية وما تصنعه من تغيير- أن مصالحها تكمن في مراعاة إرادة الشعوب بدلا من الأنظمة لا سيما القائمة على استقرار الاستبداد.

هذه الحجة وأمثالها لا تصمد طويلا أمام ما تقول به المصادر الغربية عن نفسها، ولا تصمد إطلاقا أمام المشهد الحالي، الذي ينطوي على سبيل المثال دون الحصر على:

1- الدعم الذي بدأ تقديمه بالفعل مخصص للقوى السياسية والمدنية التي تتبنى الرؤى الغربية نهجا والانفتاح على المصالح الغربية، بغض النظر عن نسبة ما تجده من تأييد واحتضان شعبي، وبالتالي حجم تعبيرها عن الإرادة الشعبية، بل إنّ الدعم نفسه هو من الأدوات التقليدية غربيا من أجل "صناعة" تأييد شعبي انطلاقا من الاعتقاد السائد بأن أهم دوافع الثورة العربية هو مكافحة الفقر والحرمان.

2- إذا كانت الرؤية الغربية قد تبدلت فعلا باتجاه مراعاة إرادة الشعوب، فعلام لا تتبدل -الآن بعد الثورات- السياسات الغربية تجاه أنظمة أخرى لم تصل الثورة العربية إليها بعد؟

إذا كان في كلمة أوباما ما يمكن وصفه بعنصر جديد، فهو التأكيد للشعوب العربية أن ثورتها على الاستبداد المحلي لا تكتمل دون انحسار الاستبداد الدولي، ولن ينحسر طوعا، والتأكيد للأنظمة العربية، أنّ معادلة الهيمنة والتبعية لم تعد سارية المفعول كما كانت قبل ربيع الثورة العربية، فمن لا يواكب التغيير لا يفيده الاعتماد على من عجز عن تحقيق شعار التغيير أيام معركته الانتخابية الأولى على كرسي الرئاسة الأميركية.



0 comments:

Post a Comment