Pages

Friday, May 27, 2011

قبل أن نسير - من موقع وطن




في ما بعد ميلاد الثورات، كما في الحياة، تتم الأشياء على مراحل، ولكل مرحلة صعوباتها وتعقيداتها وصفاتها الملازمة لها، ولا يصح أن نقفز عن مرحلة للوصول إلى أخرى، لأي سبب كان، وعلينا اجتياز المراحل بتسلسلها الطبيعي، واحدة وراء واحدة.
قال صديقي ذلك، وألقى نظرة علينا، ليستنبط أثر ما قاله على وجوهنا التي وضح أنها لم تقنعه تماماً، فأكمل وهو ينتقل بعينيه بين عيوننا:
الطفل لا يصل مرحلة السير دفعة واحدة، عندما تتم به الرغبة بالحركة، شأن من حوله، يكتشف أنه يستطيع فقط أن يزحف على مؤخرته، وهو جالس عليها. للأنتقال من مكان إلى آخر. وبعد أن تشتد به الحاجة للسير، نراه يقف، قابضاً على شيء ثابت قوي، ويحاول الأنتقال من مكان لمكان وهو قابض على هذا الشيء بيديه الأثنتين، ثم نراه يترك هذا الشيء ويمتحن قدرته على الوقوف فقط، ثم يهم بتحريك قدمه الى الأمام دون أن يستعين بواسطة. ثم يخطو خطوة واحدة، على الأغلب أنها ستسقطه أرضا، وقد يصرخ من الوجع ومن الفشل سوية. وبعد حين يوفق بخطوته الأولى، فيبدأ الصراع للوصول الى خطوة جديدة .. إلى أن يتقن السير، واللهو، وإيجاد الأصدقاء
تفحص صديقي وجوهنا مرة أخرى، وبدت عليه علامات الأرتياح إلى حد كبير.
نعم نعم!
قال صديق آخر مبرهنا استيعابنا، بالنيابة عن الجميع:
 وثوراتنا كذلك، يطول الصراع، وقد تطول الآلام التي ترافق الأصرار الذي لا بد عنه، وقد نرى مبارك ونسمع أنينه، ونسمع دموع سوزانه، وصراخ قلبيهما، لكن القلب يجب ألا يرق، حتى تكتمل لنا الدورة المباركة، ونتعرف على السير إلى الأمام، هذا الأمام الذي سد علينا الطرق إليه لعقود من الزمان، بشع تونس، ومعتوه ليبيا، وحرباء اليمن المتلون الكاذب، وزرافة دمشق، وأبكم جدة بأميته، والبحريني الممكيج والمتبرج.
 اللصوص، اللصوص، اللصوص بشهادة مصارف سويسرا وكل بنوك العالم المتحضر.
الذين يبيعون دمنا العربي بلا ثمن، قاتلو الرغيف والكرامة والأمل والفرح والغد.

عيسى بطارسة
.


0 comments:

Post a Comment