Pages

Thursday, June 30, 2011

مقالة من المغرب: التجربة


ستطرح يوم الجمعة القادم التعديلات الدستورية للإستفتاء الشعبي في المغرب, بعد احتجاجات ومطالبات بتطبيق الملكية الدستورية في المغرب, للحد من صلاحيات الملك المطلقة, وقد تبين للناشطين في حركة عشرين فبراير, ان التعديلات المقترحة لا ترقى إلى المطالب الشعبية.

وهذه مقالة ننشرها للناشط الشاب الطاطاوي العاطل عن العمل والمناضل في حركة عشرين فبراير رشيد البلغيتي- منقولة من طاطا بريس...

“التجربة” هو عنوان لفيلم يحكي قصة فريق علمي أراد أن يجري تجربة على السلوك الانساني. إختار البروفيسور المسؤول عن التجربة عددا من المتطوعين فقرر تقسيمهم الى فريقين، فريق يلعب دور مساجين وفريق يلعب دور حراس السجن في فضاء يشبه باقي السجون.
كانت القاعدة واضحة وهي أن يخضع المساجين لسلطة السجّان. هذا الأخير مطالب بعدم ممارسة العنف على أي أحد من نزلاء السجن/التجربة. اشتعال مصباح أحمر معلق في إحدى الزوايا هو إيذان بنهاية التجربة لأن سلوكا عنيفا وغير مبرر قد مورس في تجربة علمية الهدف منها إيجاد وسائل للإخضاع بعيدة عن المس بالسلامة البدنية للمتطوعين/المساجين.
مرت الأيام وتملك هوس السلطة رؤوس الحراس، ماحيا المسافة بين التجربة والواقع. مورس العنف تلوى العنف في حق المساجين دون أن يشتعل المصباح الأحمر إلى أن أزهقت روح أحد المشاركين الذي لم يكن يبتغي من مشاركته في هذه المغامرة العلمية سوى بعض الدولارات لحل مشاكل معيشية أتقلت كاهله.
لماذا كل هذا الحكي عن فيلم سينمائي؟ وما علاقة الفيلم بالعنوان المذكور أعلاه؟ إليكم الأسباب:
يوم قررت حركة عشرين فبراير التمسك بالشارع كوسيلة من وسائل النضال الديمقراطي السلمي قصد تحقيق مطالبها، نفد صبر السلطة على أعلى مستوياتها فقررت إعطاء تعليماتها إلى أجهزتها الأمنية بتعنيف شباب الحركة وتكسير عظامهم وسبهم والطعن في أعراضهم وابتداع كل الوسائل القادرة على المس بكرامتهم.
كسرت الأنوف وهشمت الرؤوس وصال وجال ضباط الأمن على أجساد المتظاهرين أمام عدسات كاميرات وكالات الأنباء والقنوات الدولية. تجاوز العنف الأمني حدود العقل في “موقعة الموطور” بحي سباتة بمدينة الدار البيضاء، لكن مصباح السلطات المغربية الأحمر لم يشتعل. استمر المغاربة في التظاهر تحت راية عشرين فبراير واستمر رجال الأمن في إظهار “حنة اليد” والتنافس في الإساءة البدنية واللفظية لشباب ما فتئ يرفع شعارا واضحا لا لبس فيه “سلمية سلمية، غايتنا الحرية”.
يوم الخميس 2 يونيو، جاء الخبر الفاجعة. لقد توفي كمال العماري عضو الحركة “المسفيوي” متأثرا بجرحه الغائر الناتج عن ضربات رجال الأمن اللذين فهموا – وإن بطريقة غير مباشرة- أن لا حرمة للإنسان متى قرر الخروج مع حركة احتجاجية أزعجت “صحاب الحال” من كثرة تكرارها لشعاراتها حول الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وضعت المنظمات الحقوقية الدولية ومعها الاتحاد الأوروبي اليد على زر المصباح الأحمر، وأفهمت الدولة المغربية أن العنف تجاوز حدود المسموح به. خفت قبضة الأمن الفولاذية وظن بعض الناس أن المغرب أعقل من أن يستبدل مداد القصور بدماء المتظاهرين ليخط به مسودة دستور قيل عنه أنه سيعمل على “ترسيخ دولة الحق والمؤسسات وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وضمان ممارستها”.
جاء مشروع الوثيقة الدستورية مخيبا لإنتظارات من صاح يوما في شوارع المملكة بأن الشعب يريد دستورا جديد. خرجت حركة عشرين فبراير لتعلن اختلافاها مع جاء في نص مسودة الدستور. لم يعتدي الأمن على المتظاهرين لكنه إنتدب من يعتدي على المحتجين بالنيابة، في صورة جديدة من صور التدبير المفوض التي تجاوزت النقل والماء والكهرباء ووصلت الى مجال الممارسة الأمنية.
قليل من المال وكثير من التغليط وعلم وطني وصورة للملك، ذاك هو زاد من جاء أو جيء به إلى مظاهرات حركة عشرين فبراير ليردد على مسامع الحاضرين “الشعب يقول نعم للدستور”. تجاوز مساندي الدستور حدود الشعارات لينتقلوا الى مرحلة رمي شباب الحركة بالبيض الفاسد، وتجاوزا مرحلة البيض ليضربوا ويحملوا شباب الحركة بالنواصي والأقدام.
سالت دماء حركة عشرين فبراير على أرصفة الوطن، ولطخت بالحمرة أيادي المدافعين الجدد عن الدستور. صرخوا في وجه الجميع “طلقونا عليهم والله تانقتلوهم” ووقفت السلطة ورجالتها على مرمى حجر تلعب دور المتفرج أحيانا والمبارك أحيانا والموجه أحايين أخرى.
إذا بلغكم خبر مقتل أحد المتظاهرين السلميين على يد بلطجي، فأعلموا أن السلطات هي من أهدرت دم حركة عشرين فبراير يوم تركت “مول الشاقور” حرا طليقا قبل أن تؤطر مسيرات مفتعلة لأناس مسلحين بكومة من العصي وقاموس من التخوين وغير قليل من الأحقاد.




0 comments:

Post a Comment