Pages

Wednesday, June 22, 2011

لن أحذف أي حرف من مقالة تذم مدونتي


سعيد الغزالي- القدس المحتلة

رأيت أنه من المناسب أن أنشر في المدونة, الحوار الذي دار بيني وبين الزميل والصديق الغالي تحسين صبيح, رفيقي السابق في السجن قبل أكثر من ثلاثين عاما, كنت قد التقيت به, مؤخرا في ديوان العزاء في قرية سلوان, لعائلة صديقي الصحفي والمترجم, سعيد عياش, الذي استشهد ابنه, ميلاد, برصاص المستوطنين, وقد كتبت خبرا مفصلا, وتعليقا وقصيدة مؤثرة. ونشرت كل ذلك في مدونتي. وحازت المقالة, على المرتبة الثالثة في عدد الزوارمن مجاميع قراء المدونة من أرجاء العالم. 

جمعني مع تحسين صبيح شعورنا بالأسى لما حدث لصديقنا, فتواجدنا في بيت العزاء, دون تنسيق مسبق, وتجاذبنا أطراف الأحاديث. أخبرته, أن لدي مدونة, قد تعجبه, وطلبت منه أن يعلق عليها, بهدف التحسين والتطوير.

وقد فعل ذلك, على صفحة الفيسبوك, حيث كان يكتب بعض التعليقات المختصرة على مواضيع محددة. اعجبت ببعض تعليقاته ونشرت بعضها.

فاجأني تعليقه الأخير, الذي جاء ملصقا على صفحة الفيسبوك تحت مقالة كتبها شخص يدعى محمد علي الأتاسي عن الشيخ البوطي, والكاتب أي الأتاسي محلل سياسي, قرأت له عدة مقالات, علمت من خلالها أنه من معارضي النظام السوري.

كتب صديقي تحسين صبيح على صفحة الفيسبوك: "بصراحة وبشفافية, إن هذا الموقع يطرح مواضيع تسمم الفكر والمزاج ولا تفيد الإنسان بأي شي، وهو يخدم جهة سياسية محددة, ويطرح مغالطات... لحد  الان لم أشعر بأي راحة لأي موضوع قرأته".

لم يحدد صبيح إذا كان يقصد "مقالة الأتاسي عن البوطي" أو غيرها لم يحدد أيضا الجهة السياسية المحددة, لكنه ذكر أ لا يفيد الموقع "الإنسان بأي شيء". وقال أن هناك مغالطات ولم يذكر أيا منها. فأجأني التعليق, وظننت أن صديقي صبيح مزاجه متعكر, ولا يقصد ما قاله, فركزت على عبارة: "لحد الآن لم أشعر بأي راحة لأي موضوع قرأته؟. واعتبرت قوله "زلة لسان, أو زلة قلم".

فكتبت له السؤال التالي: "هل حقا تقصد ذلك؟ ألا تشعر بأي راحة لأي موضوع قرأته, ولا حتى مقالتي عن ميلاد عياش؟"

فكان رده على سؤالي, باتهام آخر. وقال: "عزيزي لا تخلط الأمور ببعضها، فالشهيد له معنى, والمقال السياسي شيء آخر، وهو بحاجة للتأكد من المعلومات, والجهات التي تقف وراءها, ولأي هدف تريد أن توصل القاريء. ولا يعني كلامي أنني أعيب عملك... أنا أقدر جهودك الشخصية, وأعرف أنك من معدن نظيف, وأحبك لأنك مني, وأنا منك".

هل خلطت الأمور حقا؟
لا أعرف, ولم يحدد صديقي أين خلطت الأمور, لكنه ذكر أن الشهيد له معنى, المقالة السياسية لها معنى أيضا. فما هو المعنى الذي لم يعجبه في المقال السياسي الذي قمت بخلطه مع "معنى الشهيد".

  كان سؤالي استفساريا: هل تقصد حقا ما تقول؟ كنت أتوقع منه أن يقول لي: إنها زلة قلم, أو أن يرسل ردا مفصلا  يفند فيه ما جاء في مقالة الأتاسي عن البوطي, إن كان يقصده, أو يكتب شرحا مفصلا, يبين فيه "المغالطات" التي ارتكبتها في الموقع. أو أن "يحدد الجهة السياسية".

كم أكون شاكرا وممتنا له لو فعل ذلك؟ إن ذلك فائدة كبرى لي. فلو بين لي هذه المغالطات, فإنني سأعمل على تفاديها, وتصحيح موقفي, أو أتوقف عن الكتابة, وأقول لنفسي: رحم الله امرءا عرف قدر نفسه. واردد قول أحدهم: "دع عنك ما لا تستطيع,  وجاوزه إلى ما تستطيع".

وأقسمت أن أنشر كل حرف يقوله: ولو قال لي أنني عميل الموساد أو السي أي إي. وجاءت عبارته بأنه "يقدر جهودي الشخصية, وأنني من معدن نظيف. وأنه يحبني وأنا منه وهو مني" موقفا عاطفيا أقدره ولكنه لا يجيب على "الجهة المحددة", التي اتهمني بها, ولا يفسر "ماهية المغالطات".

لا زلت أتمنى أن تكون تعليقات صديقي الذي اقدر تضحياته من أجل فلسطين زلة لسان أو زلة قلم. ولكنه أطلق سهمه في عبارة نشرها على الفيسبوك, وليس خلال حديث خاص بيني وبينه. وأسأله: كيف تحب شخصا, وتعتبره منك, يكتب "مغالطات لا تفيد أي إنسان" في مدونته.

ومن تابع المدونة من أول صدورها, سيرى أنني بدأتها بقصيدة عن الثورات العربية التي تفاعلت معها, ثم كتبت مقالات ساخرة, وضمنتها مقالات وأخبارا وتحليلات, ونشرت مقالات كثيرة لكتاب فلسطينيين وسوريين ومصريين ويمنيين. وكتبت أيضا في كافة الشئون ساخرا وجادا وحانقا وحزينا. وحددت أعدائي وأصدقائي بوضوح. فأنا شخص, كبقية المسحوقين من أبناء شعبي,لا اركض خلف مصالح ذاتية. ولا أريد أي شيء من هذا العالم الوسخ حولي.

أحب أن أوضح لصديقي, وكذلك للقراء الأمور التالية:

أولا: إنني لست مرتبطا بأي جهة سياسية, وبالطبع من حقي أن يكون لي مواقف سياسية, فأنا ضد الفساد والاستبداد, وطمس حرية الرأي والتعبير, وضد الحسابات السياسية على حساب المبادىء, وأنا مع تحرير فلسطين, وحرية الشعب الفلسطيني وكرامته وعزته وسيادته, وكذلك حرية وسيادة الشعوب العربية, وأنا ضد المستبدين جميعا, سواء كانوا أمريكيين أم عربا أم إسرائيليين.

ثانيا: بالنسبة للشيخ البوطي، أو لغيره من المقالات, يا صديقي, هكذا كتبت له, اكتب اسمه على اليوتيوب, وستجد عشرات المواقع التي تتحدث عنه, وزوارها كثيرون, وقد قرأت كثيرا منها, وتبين لي أنه رجل نظام, ورأيت ماذا حدث في المسجد الاموي, ثم اطلعت على الجدل بينه وبين القرضاوي, فقد عارضه لأنه أيد الثورة السورية.

هل هناك فبركة لليوتيوب؟ ممكن. هناك آلاف الأشخاص المجندين من قبل بعض الأنظمة العربية يقومون بغزو الفضاء الإفتراضي, ويبثون معلومات ويشنون حملات. ولا بد للإنسان أن يكون متسلحا بالمعرفة, والموقف الوطني, والمهنية العالية ليميز المغشوش الفاسد في البضاعة المعلوماتية.

وأنا لا أدعي الكمال, لكني لي تجربة ثلاثين عام من الكتابة في صحف فلسطينية وعربية وعالمية, وأنا أقرأ كثيرا. وقد طردت من عدة صحف وذلك لموقفي المهني, وربما السياسي أيضا. ولا أريد التفصيل في هذا الشأن.... فقد عرضت قناة تلفزيونية سويدية أن تخصص برنامجا مفصلا عن عملي في المجال الصحفي وانتقاداتي للصحافة المحلية والعربية والعالمية.

أحجمت عن قبول ذلك, لأنني لم أرد أن أجعل من نفسي "شهيدا" وأصيد في المياه العكرة. إن أخطأ الناس, فليخطأوا, فهذا شأنهم, ولكني أحب أن أردح فقط ضد الفساد والفاسدين والبائعين لقضايا العرب والمسلمين. هذه هي قضيتي المركزية.

تفاجئت بأن صديقي لم يجد شيئا يعجبه في الموقع. هل يجوز لصديق مثل تحسين صبيح, رفيقي في السجن أن يكتب على الفيسبوك ويغمز بالجهة السياسية المحددة؟ نعم يجوز, ولكن عليه أن يدعم قوله بالدلائل.

ثالثا: من حق صديقي أن يحس أن مدونتي غير مفرحة, ولكن ليس من حقه أن يعيب ذلك, فهذه المدونة ليست ترفيهية. إنها تعرض السلبيات لأشخاص متنفذين وأنظمة استبدادية, وتتحدث عن ايجابيات الثورات العربية, ولعلني أزعم أن هناك ترفيه موجه في المدونة, فهذا القذافي يراقص امرأة ويغني مشيدا بقمع شعبه. وهناك نساء شبه عاريات يتراقصن على أنغام الممانعة السياسية للنظام السوري. أنا أعرف أن القذافي لم يراقص تلك المرأة بالذات ولم يغني أغنية ضد قمع شعبه. لكنه من وضع الأغنية أطربنا, وجعلنا نسخر من القذافي.

على أية حال, أنا أتقبل أي نقد سلبي, وهذا ما أريده, لو ذكر صديقي شيئا محددا. لو قال إنه كان يقصد البوطي, وهي مقالة لم أكتبها أنا,  لو قال أنها خاطئة, وأنه رجل جيد, ومعارض للإستبداد, وأن ما كتب أو قيل عنه أراجيف, وكان يجب على صديقي أن يتحقق بالأمر. ومن حقه أن يشك, ولكن أيضا من الواجب عليه أن يبحث ويدقق. ولو أفترضنا أنه أراجيف, فاللوم يقع على كاتب المقالة, وليس المدونة جميعها.

لا حاجة أن أسترسل في شرح السبب الذي جعلني الصق مقالة الأتاسي في مدونتي, وقد نشر جزء منها في صحيفة النهار اللبنانية.

رابعا: إن قيامي بنشر هذا الحديث, يعبر عن مدى حرصي على الشفافية, ويستطيع أي قاريء أن يكتب ما يشاء, وسأنشر كل شيء, والكلام يعبر عن حسنه وسوءه, تماما كمدونتي, إنني أجتهد, فليرجمني من يعترض ولكن للرجم اصول.  لقد سبق لي أن نشرت تعليقا, لأحد الأشخاص, الذي اتهمني بأنني "أحد الكلاب الضالة" وأنه سيضع اسمي في القائمة السوداء. فهل صدقه الناس؟  وهل ضرني نشر ما قال في مدونتي.

عل أية حال, اختم بتوجيه الشكر لصديقي تحسين صبيح. وإني أسامحه إن قال لي أنها زلة قلم. وأسامحه إن لم يقل ذلك. ولعلي أكون أنا المخطأ وهو المصيب. ولعله يثبت أنه لم يظلمني, وأنا الظالم لنفسي. وله أن يكتب ما شاء في المدونة, ولن أحذف أي حرف من مقالة تذم مدونتي.




0 comments:

Post a Comment