Pages

Sunday, June 12, 2011

حتمية سقوط الفصائل الفلسطينية


سعيد الغزالي – القدس المحتلة

كان صعود المقاومة الفلسطينية, عقب هزيمة حرب عام الـ 1967, رد الشعب الفلسطيني العملي الرافض لهزيمة الأنظمة العربية المنكرة. ولكن, هذا الرد, لم يتطور ويتجذر, ويغير من واقع الفلسطينيين, ويحرر بلادهم.
على مدى السنوات التي أعقبت الهزيمة، أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية, خيمة المقاومة الفلسطينية, جزءا من النظام العربي. والتصقت بهذا النظام, بحجة دعمه للمقاومة, وما حدث أن النظام العربي, بشقيه الممانع الكاذب, والرجعي المرتبط بالمصالح الغربية سعى ونجح في السيطرة على المنظمة, وتدجينها, والتحكم بمواقفها, وقيادتها إلى دهاليز الإستسلام.  
هذه هي الحقيقة المظلمة والمؤلمة أيها الفلسطينيون. منظمتكم، وكذلك الحركات الاسلامية, كحركة حماس والجهاد الإسلامي, وجميع التشكيلات المرتبطة بالأنظمة العربية, أصبحت حصان طروادة الانظمة, أنظمة القمع والتخلف العربي, للسيطرة على القضية الفلسطينية واستخدامها خدمة لمصالحها وتثبيت أنظمتها وحكامها الدكتاتوريين المجرمين.
تعايشت المنظمة بحركاتها وتشكيلاتها المتباينة مع الواقع العربي التعيس, وتجاوبت مع ما يسمى بالشرعية الدولية, وأُدخلت مرغمة إلى دهاليز التسوية المذلة. نشأت الفصائل الثورية كرد عاصف على الهزيمة, وانتهى بها الأمر أن أصبحت جزءا أصيلا من أنظمة الهزيمة.
على الصعيد السياسي, رفعت المنظمة شعار إقامة الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين, وقبلت بقبولها اتفاق اوسلو عام 1993, بكيان هزيل مرتبط سياسيا واقتصاديا وأمنيا بإسرائيل, متخلية عن هدفها المعلن في ميثاقها, وفي ميثاق حركة فتح, كبرى الفصائل, وهو تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.  
ماليا, لم تنجح المنظمة في الإعتماد على مواردها الذاتية, بل اعتمدت على الأنظمة العربية, وبعد اتفاق اوسلو, أصبح الكيان الفلسطيني المسمى السلطة الفلسطينية معتمدا في قنوات الدعم الغربي والعربي الرسمي.
نضاليا, لم تنجح في تثوير الشعب الفلسطيني, بل أخضعته لقبول أو السكوت على التنازلات الكبيرة ذات البعد الإستراتيجي, ومنها التخلي عن هدف تحرير فلسطين، واعتبار نضال الشعب الفلسطيني عملا إرهابيا.
أقرت المنظمة واعترفت بوجود إسرائيل. وتُدفع الآن للإعتراف بيهودية الدولة العبرية, أي يُطلب منها أن تطلق رصاصة الرحمة على القضية الفلسطينية.
بعبارة اخرى, قبلت المنظمة بنتائج هزيمة عام 1967, وانضمت إلى النظام العربي, وقبلت بدويلة هزيلة مرتبطة بإسرائيل.
رفعت حماس شعار تحرير فلسطين, ولم تتخلى عنه من الناحية النظرية, ولكنها ناورت بمشاركتها في الانتخابات على اساس اتفاق اوسلو, واستخدمت سلاح المقاومة, في المناورات السياسية, توقفه أحيانا, وتطلقه أحيانا. وتحدثت عن هدنة طويلة الأجل مع اسرائيل. واستخدمت لغة "لعم" في مفاوضاتها التصالحية مع السلطة الفلسطينية. وهادنت أنظمة عربية, كالنظام السوري, وغازلت أنظمة عربية رجعية, كالنظام السعودي.
بعبارة اخرى, استخدمت تكتيكيات حركة فتح, وغيرت من مواقفها بسرعة مذهلة, رغم أنها لم تصل إلى الإعتراف الصريح بإسرائيل الذي تُدفع الآن إلى القيام به, قبل تشكيل حكومة فلسطينية جديده, فإن فعلت, فستصبح نسخة إسلامية من حركة فتح, التي تحولت من حركة ثورية إلى حركة كل ما أنجزته منذ انطلاقتها أنها ربطت القضية الفلسطينية بالنظام العربي.
وتعلمون أن النظام العربي, المتواطىء مع إسرائيل والمؤيد لقيامها عمليا, والرافض لها نظريا, منذ عام 1948, قام, بعد هزيمة عام 1967, بإسقاط هدف تحرير فلسطين, وتمكن من جر منظمة التحرير الفلسطينية إلى إسقاطه أيضا. وها هي حركة حماس تجر إلى نفس الموقف.
حاليا, ينتفض الشعب العربي في معظم أقطار العالم العربي على أنظمة الهزيمة والنكسة والنكبة والقمع والبطش والشعارات الكاذبة, رافعا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".  وانتفض الفلسطينيون من خلال مسيرات العودة إلى فلسطين, ليعيدوا تأكيد أن جوهر القضية الفلسطينية ليس إقامة دويلة على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة, بل هو تنفيذ حق العودة.
إن سقوط النظام العربي مؤشر على سقوط الفصائل والحركات الفلسطينية المرتبطة بهذا النظام. والنظام العربي وكذلك القيادات الفلسطينية التقليدية وحدهما المسؤولون عن نكبة فلسطين عام 1948, ونكستها عام 1967. وليس الشعب العربي المنتفض عليه. 
لقد فرض النظام العربي الآيل للسقوط نفسه على قضية فلسطين, وفشل في تحريرها, وكذلك فرضت منظمة التحرير نفسها, وانساقت أو دفعت إلى دهليز التسوية المظلم. تعايشت مع النظام العربي ومع نتائج حرب عام 1967. والمؤشرات تدل على أن حركة حماس تسير في نفس الاتجاه.
إن هذا يقودنا إلى الاستنتاج أن سقوط النظام العربي سيقود حتما إلى سقوط الفصائل الفلسطينية, والمسألة ليست إلا مسألة وقت.



0 comments:

Post a Comment