Pages

Saturday, June 11, 2011

الجندي السوري : قبل أن نحرركم, يجب أن نحرر أنفسنا



أجرى اللقاء: سعيد الغزالي

حكمت السلطات العسكرية السورية بالإعدام على الجندي السوري الذي فر من ميدان المعركة. تخاذل أمام "عصابة إرهابية مسلحة", واستسلم. لم تكن تلك العصابة إلا مجموعة من النساء والرجال والأطفال هم أهله من مدينة درعا.

لم يستطع الجندي السوري وليد عبد الكريم القشعمي أن يضغط على زناد سلاحه "الكلاشنكوف", ويقتل أفراد "العصابة الإرهابية" المكونة من مئات الاطفال والنساء والرجال الذين كانوا يهتفون بسقوط النظام في مدينة حارتسا, جنوب غربي دمشق.  

ضميره أو عقله أو إحساسه الإنساني منعه أن "يلقم" رشاشه ويطلق الرصاص. كان المشهد مروعا. وصفه لنا خلال اتصال هاتفي أجريناه معه وهو في مكان إقامته في عمان.

عمره واحد وعشرون عاما. يعمل جنديا في فرقة الصاعقة رقم 227 في قاسيون. حصلت على رقم هاتفه من لجنة "أمنستي", لجنة العفو الدولية.    

اتصلت به وهو في مكان مخبأه, وقدمت نفسي له, وأخبرته أن يروي لي حكايته: ماذا جرى له؟ وكيف هرب؟ وما هي المخاطر التي تواجهه الآن.

قال القشعمي: "كنا في المعسكر في قاسيون التلة الإستراتيجية المطلة على مدينة دمشق, لم يكن لدينا هواتف نقاله, ولا أجهزة اتصال ولا حتى جهاز تلفزيون, أي أننا لا نعرف ماذا يجري حولنا.

إنني أخدم كأحد أفراد فرقة التشريفات التابعة لـ "ماهر الأسد". أخبرنا من قبل ضباطنا, بوجود عصابة ارهابية مسلحة في حارستا.

قمنا باستبدال ملابسنا العسكرية المعتادة, بملابس سوداء. وأعطي كل فرد قطعتين معدنيتين, كل قطعة تحتوي على المعلومات الشخصية الأساسية: الاسم, الرقم, الرتبة.

كان رقمي العسكري 8747062. ربط القطعة الأولى حول رقبتي والثانية حول رجلي.  

كان عددنا 250 جنديا. غادرنا المعسكر في سيارات عسكرية وباصات عسكرية من نوع تويوتا. لما وصلنا إلى المدينة, دهشت مما رأيت, كان هناك نحو 300 شخص مسلح من الأمن المركزي والمخابرات والفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد.

تحركت هذه القوات خلفنا, وتقدمنا إلى الأمام وصرنا في المنتصف: أمامنا المتظاهرون الذين اقدر عددهم بنحو 2500 شخص مدني, بينهم النساء والرجال.

أحب أن أضيف ان قائد الحرس الجمهوري هو اللواء الركن شعيب سليمان, ورتبته أعلى من رتبة العميد ماهر الأسد, لكن الأول هو الذي يقدم التحية للثاني, فالقائد الفعلي للحرس الجمهوري كان ماهر الأسد.

كان المتظاهرون يهتفون: "بالروح, بالدم, نفديك يا درعا".

كنت أحمل رشاشي الكلاشنكوف. وكنا مجموعة من خمسة جنود. الكابتن مجاهد علي حسن الذي يقود سيارة عسكرية لونها رمادي تحمل لوحة رقمها 400410 كان على بعد ثلاثة أمتار.

أصدر لنا الأوامر: لقم.

شاهدت صبيا يصرخ ويبكي, مرعوبا, وقد رأى امرأة تقتل. انزعج الكابتن مجاهد علي حسن من صياحه وبكائه, وقام بقتله.

ركضنا باتجاه المتظاهرين. كنا نشير لهم بأعيننا, بأننا لا نريد إطلاق النار عليهم. عندما أصبحنا على بعد أربعة أمتار منهم, ألقينا سلاحنا.

الكابتن لاحظ ما فعلناه, وأطلق النار باتجاهنا, وأصاب أحد زملائي. لا أستطيع أن أعطي أسمه لأنه لا يزال في سوريا.
لقد نجح زميلان لي بالهروب من سوريا. وبقي إثنان داخلها.

لو لوحت بذراعي, لما كنت اتحدث معك الآن.

اختلطُ بالمتظاهرين, وأحاطت بي مجموعة من النساء. تمكن المتظاهرون من دفع الضابط وإجباره على التراجع.
ارتديت ملابس امرأة واختبأت في بيت من بيوت أقاربي. ولم أبق في بيت واحد. كنت دائم التنقل من بيت لآخر".  

يعمل عمي في سلك المخابرات, وهو برتبة عقيد. لقد تحدث مع أحد أقاربي, وطلب مني أن أستسلم, وقال بأنه سيحدث كدمات في وجهي, لأزعم أن عصابة إرهابية قامت باعتقالي وضربي, وأنني هربت منهم. وعرض عليّ مبلغ 25 مليون ليرة سورية, أي ما يعادل نصف مليون دولار.

رفضت العرض. فلست براغب بالحصول على مال أو شهرة.
في البداية ادعى النظام, أنني لست جنديا في الحرس الجمهوري. جاء ذلك في التلفزيون الرسمي وفي تلفزيون دنيا.  ثم ادعى بعد ذلك أنني قد مت. فظهرت في فيديو مرتديا ملابسي العسكرية, وقلت أنني حي. وأنني تمردت على النظام, ورفضت جرائمه.

ويوم الأربعاء الماضي, ظهر شريط فيديو للضابط عبد الرزاق طلاس الذي اعلن فيه أنه فر من الجيش وانضم إلى الثوار. ولكن النظام زعم أن الشخص الذي ظهر في شريط الفيديو هو أنا.

بعد ذلك انتقلت من منطقة إلى أخرى, وأنا أرتدي ملابس نسائية, وقد وضعت نقابا على وجهي. انتقلت من داعل, ثم إلى قفص, ثم إلى المزيرب, ثم إلى سحم, وبعدها دخلت الأردن وسلمت نفسي إلى السلطات الأردنية.

لقد وقعت الحكومة الأردنية تعهدا لدى الأمم المتحدة بألا تقوم بتسليمي إلى السلطات السورية.   
أعيش الآن في شقة في عمان، تحت رعاية جلالة الملك, ولدي حماية من الجيش, إن خرجت من البيت, يخرج الحراس معي.  
هربت من الجيش بتاريخ 23-4-2011. ومكثت ستة أو سبعة أيام مختبئا, إلى أن تمكنت من مغادرتها إلى الأردن

كان قسمي عندما انضممت إلى الحرس الجمهوري بأن أحمي الوطن والشعب والقائد, وقتل الشعب ليس حماية له.

إنني لا أخاف إلا الله. ولا يزال النظام يلاحقني. تلقيت عروضا من ألمانيا وبلجيكا والسويد للحصول على لجوء سياسي. وقدمت قطر لي تأشيرة دخول إلى أراضيها. ولكن السلطات الأردنية لا تزال تؤخر سفري وخروجي.

وليد القشعمي هو أحد أفراد اسرة مكونة من 14 ذكورا وإناثا. وأمه متوفية. وقد اتصلت به عائلته, وطمأنته على أحوالها.

القشعمي أنهى الصف السادس الإبتدائي. الشعب السوري تحكمة عصابة مسلحة كبيرة.

وكان آخر سؤال وجهته له: نحن في القدس, كنا نتوقع أن تأتوا وتحررونا من الإحتلال.

وكان جوابه: قبل أن نحرركم, يجب أن نحرر أنفسنا.

الفيديو الذي ظهر فيه وليد القشعمي ليؤكد أنه حي






0 comments:

Post a Comment