رواية سياسية
مستوحاة من ملفات البطش في سوريا.
الشخصيات المشاركة في هذه الحكايات
أبو زناخة مدير المخابرات السورية، شخصية قذرة ارتكبت جرائم في الوطن وخارجة
حنكشتيكا مناضل مخدوع
الحمار أبو صابر مواطن عادي
امنيته: الحصول على شوال شعير وبعض البرسيم
نشاطاته خلال ثلاثة عقود الصمت على جرائم حكم الطاغية الأسد الكبير وشبله الصغير
حقوق الزناخة محفوظة للكاتب
الإهداء إلى المواطن العربي في كل مكان
حنكشتيكا يقع في فخ المخابرات
تحقق النصر أخيرا للشعب السوري, بعد أن قدم تضحيات جسام، فالنظام الذي كان يتوارى خلف شعارات القومية والمعاداة اللفظية لإسرائيل والولايات المتحدة، استخدم كافة الأساليب القمعية، والخداع والمراوغة، للإستمرار في الحكم والسيطرة على سوريا. لكن إرادة الشعب كانت أقوى من القمع, وأشد صلابة من البطش.
تدفقت جموع الشعب إلى إلى ساحة الأمويين في دمشق، قادمين من جميع أرجاء البلاد شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، وانضمت إليهم حشود من الدول المجاورة، للمشاركة في الإحتفالات، بعد التخلص من نير حكم الطاغية بشار الأسد، وشعر المواطنون السوريون بأن القيود التي وضعها النظام حول اعناقهم ردحا من الزمن قد فكت، وأن الإضطهاد الذي وقع عليهم قد زال وأن عهد الطغيان قد انتهى.
ذاق المواطنون طعم الحرية وأصبحوا أحرارا يستطيعون أن يعبروا عما يجيش بخواطرهم وعقولهم دون قيد أو رقابة. تحدث الخطباء وتبحبحوا وأسهبوا في القول والتفصيل، والطعن والضرب بجسد النظام البائد، الذي أصبح في خبر كان.
كان حنكشتيكا أحد هؤلاء الخطباء، جاء للمشاركة في الإحتفالات, ويحق له أن يشارك, فقد كان أحد أؤلئك الرجال السريين الذين قدموا خدمات جليلة للثورة مستغلا موقعه داخل النظام، لإفشاء أسراره والتعاون مع الثوار.
أجال ببصره في الجموع المحتشدة أمامه، ثم تنحنح وقال: أنا حنكشتيكا، مواطن، تعرضت كبقية المواطنين لاضطهاد وظلم النظام، وذقت صنوف الحرمان، تلوعت وتعذبت وكنت عاطلا عن العمل، وقاومت وسجنت. ولما خرجت من المعتقل، اعتمدت في كسب قوتي على حمار، عملت في سوق الخضار, وتوطدت العلاقة بيني وبينه، فكنا نمضى سحابة يومنا معا، نعمل معا، ونأكل معا ونتجاذب أطراف الحديث. وكانت حياتنا صعبة، ولا نقدر إلا بشق الأنفس أن نكسب قوت يومنا. وفي نفس الوقت كانت لدي بعض النشاطات السرية, حيث كنت ومجموعة من المعارضين نشارك في ندوة مسائية كل اسبوع نتحدث فيها عن أفعال البطش, وندعو إليها مواطنين تعرضوا للسجن والتعذيب والتنكيل ليتحدثوا عن تجربتهم, وكنا نوثق هذه التجارب, ونقوم بطباعتها, ونوزعها سرا على المواطنين في الأحياء. كان الهدف من هذا النشاط هو تحريض الناس على التمرد ضد النظام.
لم يكن ذلك الأمر سهلا. كان النظام يلاحقنا. واستخدمنا أسماء مستعارة.
واستمر الحال على ما هو عليه، إلى أن مل الحمار من العمل في السوق, وتطلع إلى عمل يريحه من حياة المشقة والعناء، بل خشي على حياته, إن كشف أمرنا. فاتصل سرا بإبي زناخه وعرض عليه أن يعمل جاسوسا، فوافق أبو زناخه، وعينه بوظيفة مخبر برتبه عقيد للتجسس عليّ. وصار العقيد يكتب التقارير عن اجتماعاتنا الإسبوعية ويرفعها لأبي زناخة الذي كان برتبة لواء.
اعتقل معظم المشاركين في الندوة, وأحسست أن الخناق بدأ يضيق, وأن النظام سيرسل زبانيته ويعتقلني, فهربت. لم أكن أشك بأن الحمار كان وراء هذه المصائب. فقد كان يبدي عكس ما يخفي,ويبذل جهوده في خدمة الثوار المشاركين في الندوة. لكنه كان يتصرف بعلم ومعرفة أبو زناخة.
سارت الأمور هكذا ردحا من الزمن، إلى أن طلب اللواء من العقيد أن يجندني للعمل في سلك المخابرات، وذلك لامتلاكي موهبة الكتابة، فطلب مني الحمار أن أعمل في مركز أبحاث لتوثيق تجارب المناهضين للنظام وتعميمها في الداخل والخارج.
كان الحمار يعد فخا حقيرا لي.
اصطحبني لمقابلة أبي زناخة الذي عرف نفسه بأنه مدير المركز, وأشاد بوطنيتي وإخلاصي للوطن.
وقال لي: ستعمل على توثيق تجارب الثوار، وتصنيفها وتبويبها، حسب الموضوع في إضبارات خاصة تحفظها في أرشيف خاص, إذ لا نريد أن يضيع هذا التاريخ النضالي ويندثر من ذاكرة الشعب، فاستجبت لما دعاني إليه.
انتقلت إلى مكان سري في مدينة دمشق الذي كان وكرا من أوكار المخابرات السرية, وزعم أبو زناخة أن هذا المكان يستخدمه الثوار.
يتبع
ي
0 comments:
Post a Comment