.... اقتحموا ذاكرة أبائنا, وترعرعوا في ذاكرتنا, وستنتقل ذكراهم إلى أبنائنا
.ولا زالت قضيتهم قائمة
نذكرهم بمناسبة وغير مناسبة, وهي الآن تطل علينا بعد 81 عاما. يوم الثلاثاء في السابع عشر من حزيران عام 1930, أعدمت السلطات البريطانية فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم, شهداء ثورة البراق عام 1929.
تدخلت حكومة الانتداب البريطاني لإنهاء الثورة, فاعتقلت عدداً كبيراً من الفلسطينيين وأصدرت حكماً بإعدام 26 فلسطينياً من المشاركين فيها (11 من الخليل و14 من صفد وواحد من يافا) ثم استبدلت أحكام الإعدام إلى السجن المؤبد على (23) شخصاً وأقرت حكم الإعدام على الثلاثة.
أمضى الشهداء الثلاثة ليلتهم الأخيرة ينشدون "يا ظلام السجن خيم"
وقبيل تنفيذ الإعدام بساعة سمح لهم بمقابلة زائريهم وهم بألبسة الإعدام الحمراء ينتظرون ساعتهم الأخيرة.
وقبيل تنفيذ الإعدام بساعة سمح لهم بمقابلة زائريهم وهم بألبسة الإعدام الحمراء ينتظرون ساعتهم الأخيرة.
حطم محمد جمجوم قيده, وزاحم رفيقه عطا الزير على الدور الثاني في الإعدام وفاز ببغيته. ولد في مدينة الخليل عام 1902 وتلقى دراسته الابتدائية فيها. وعندما خرج للحياة عرف بمقاومته للمحتلين وللصهيونيين فكان يتقدم المظاهرات التي تقوم في أرجاء مدينة الخليل احتجاجا على شراء أراضي العرب أو اغتصابها.
ولد الشهيد فؤاد حجازي, أول الشهداء الثلاثة وأصغرهم سنا,
في مدينة صفد 1904 وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم الثانوية في الكلية الاسكتلندية, وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية
ببيروت. عرف منذ صغره بشجاعته وجرأته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه. وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص.
ولد الشهيد عطا الزير في مدينة الخليل، وألم بالقراءة والكتابة إلماما قليلا، وكان يقرض الشعر أحيانا.
عمل في عدة مهن يدوية، واشتغل في الزراعة، وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية، واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجا على هجرة الصهيونيين إلى فلسطين، ولا سيما إلى مدينة الخليل. وفي ثورة البراق, هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعا عن أهله ووطنه ، بكل ما لديه من قوة. وشهدت مدن فلسطين صداما داميا بين العرب والصهاينة وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونيا وجرح أكثر من خمسين.
طلب عطا الزير حناء ليخضب بها يديه على عادة أهل الخليل في أعراسهم وأفراحهم. وعندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه، وعندها حطم عطا الزير السلاسل بقوة عضلاته، وتقدم نحو المشنقة رافع رأسه مبتسم المحيا.
كان الشهيد فؤاد حجازي يقول لزائريه: "إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز عن الأمة العربية الكريمة، فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً.
قال حجازي في وصيته: إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم ابتهاج وسرور. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".
وقد سمح له ولرفيقيه أن يكتب رسالة في اليوم السابق لموعد الأعدام وقد جاء في رسالتهم:
وقد سمح له ولرفيقيه أن يكتب رسالة في اليوم السابق لموعد الأعدام وقد جاء في رسالتهم:
"الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، الا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة وأن نتذكر اننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء. وان تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للاعداء منها شبرا واحدا، والا تهون عزيمتها وان لا يضعفها التهديد والوعيد، وان تكافح حتى تنال الظفر. ولنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وامراء العرب والمسلمين في انحاء المعمورة، الا يثقوا بالاجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: "ويروغ منك كما يروغ الثعلب". وعلى العرب في كل البلدان العربية والمسلمين ان ينقذوا فلسطين مما هي فيه الآن من الآلام وأن يساعدوها بكل قواهم. وأما رجالنا فلهم منا الامتنان العظيم على ما قاموا به نحونا ونحو أمتنا وبلادهم فنرجوهم الثبات والمتابعة حتى تنال غايتنا الوطنية الكبرى. واما عائلاتنا فقد اودعناها إلى الله والأمة التي نعتقد انها لن تنساها. والآن بعد ان رأينا من أمتنا وبلادنا وبني قومنا هذه الروح الوطنية وهذا الحماس القومي، فاننا نستقبل الموت بالسرور والفرح الكاملين ونضع حبلة الأرجوحة، مرجوحة الأبطال بأعناقنا عن طيب خاطر فداء لك يا فلسطين، وختاما نرجو أن تكتبوا على قبورنا: "إلى الامة العربية الاستقلال التام أو الموت الزؤام وباسم العرب نحيا وباسم العرب نموت".
وتخلدوا في أغنية: من سجن عكا طلعت جنازة.....
من سجن عكا طلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي المندوب السامي وربعه عموما
محمد جمجوم ومع عطا الزير فؤاد الحجازي عز الدخيرة
أنظر المقدم والتقاديري بحْكام الظالم تيعدمونا
ويقول محمد أن أولكم خوفي يا عطا أشرب حسرتكم
ويقول حجازي أنا أولكم ما نهاب الردى ولا المنونا
أمي الحنونة بالصوت تنادي ضاقت عليها كل البلادي
نادوا فؤاد مهجة فؤادِ قبل نتفرق تيودعونا
بنده ع عطا من وراء البابِ أختو تستنظر منو الجوابِ
عطا يا عطا زين الشبابِ تهجم عالعسكر ولا يهابونَ
خيي يا يوسف وصاتك أمي أوعي يا أختي بعدي تنهمي
لأجل هالوطن ضحيت بدمي كُلو لعيونك يا فلسطينا
ثلاثة ماتوا موت الأسودِ جودي يا أمة بالعطا جودي
علشان هالوطن بالروح جودي كرمل حريتو يعلقونا
نادى المنادي يا ناس إضرابِ يوم الثلاثا شنق الشبابِ
أهل الشجاعة عطا وفؤادِ ما يهابوا الردى ولا المنونا
وهذه هي الأغنية:
خلدهم الشاعر إبراهيم طوقان في قصيدته الثلاثاء الحمراء.
الثلاثاء الحمراء
لما تعرض نجمك المنحوس وترنحت بعرى الحبال رؤوس
ناح الأذان وأعول الناقوس فالليل أكدر والنهار عبوس
طفقت تثور عواصف و عواطف
والموت حينا طائف أو خاطف
والمعول الأبدى يمعن فى الثرى ليردهم فى قلبها المتحجر
يوم أطل على العصور الخالية ودعا :" أمر على الورى أمثالية"؟
فأجابه يوم :أجل ، أنا راوية لمحاكم التفتيش تلك الباغية
ولقد شهدت عجائبا و غرائبا
لكن فيك مصائبا و نوائبا
لم ألق أشباها لها فى جورها فاسأل سواى وكم بها من منكر
واذا بيوم راسف بقيوده فأجاب- والتاريخ بعض شهوده-
انظر الى بيض الرقيق وسوده من شاء كانوا ملكه بنقوده
بشر يباع ويشترى فتحررا
ومشى الزمان القهقرى فلا أرى
فسمعت من منع الرقيق وبيعه نادى على الأحرار يا من يشترى
واذا بيوم حالك الجلباب مترنح من نشوة الأوصاب
فأجاب :" كلا دون ما بك ما بى" أنا فى ربا "عالية" ضاع شبابى
وشهدت للسفاح ما أبكى دما
ويل له ما أظلما لكنما
لم ألق مثلك طالعا فى روعة فاذهب لعلك أنت يوم المحشر
اليوم تنكره الليالى الغابرة وتظل ترمقه بعين حائرة
عجا لأحكام القضاء الجائرة فاخفا أمثال ظلم سائرة
وطن يسير الى الفناء بلا رجاء
والداء ليس له دواء الا اللاباء
ان الاباء مناعة ان تشتمل نفس عليه تمت ولما تقهر
الكل يرجو أن يبكر عفوه ندعو له ألا يكدر صفوه
ان كان هذا عطفه وحنوه عاشت جلالته وعاش سموه
حمل البريد مفصلا ما أجملا
هلا اكتفيت توسلا وتسولا
والموت فى أخذ الكلام ورده فخذ عن الطريق الأقصر
ضاق البريد وما تغير حال والذل بين سطورنا أشكال
خسراننا الأرواح والأموال وكرامة -يا حسرنا -أسمال
أو تبصرون وتسألون ماذا يكون
ان الخداع له فنون مثل الجنون
هيهات فالنفس الذليلة لو غدت مخلوقة من أعين لم تبصر
أنى لشاك صوته أن يسمعا أنى لباك دمعه أن ينفعا
لا تعجبوا فمن الصخور نبع يفور
ولهم قلوب كالقبور بلا شعور
لا تلتمس يوما رجاء عند من جربته فوجدته لم يشعر
الساعة الأولى :
أنا ساعة النفس الأبية الفضل لى بالأسبقية
أنا بكر ساعات ثلاث كلها رمز الحمية
بنت القضية ان لى أثرا جليلآ فى القضية
أثر السيوف المشرفية والرماح الزاغبية
أودعت فى مهج الشبيبة نغمة الروح الوفية
لابد من يوم لهم يسقى العدا كأس المنية
قسما بروح "فؤاد" تصعد من جوانحه زكية
تأتى السماء حفية فتحل جنتها العلية
ما نال مرتبة الخلود بغير تضحية رضية
عاشت نفوس فى سبيل بلادها ذهبت ضحية
الساعة الثانية :
أنا ساعة الرجل العتيد أنا ساعة البأس الشديد
أنا ساعة الموت المشرف كل ذى فعل مجيد
بطلى يحطم قيده رمزا لتحطيم القيود
زاحمت من قبلى لأسبقها الى شرف الخلود
وقدحت فى مهج الشباب شرارة العزم الوطيد
هيهات يخدع بالوعود وأن يخدر بالعهود
قسما بروح "محمد" تلقى الردى حلو الورود
قسما بأمك عند موتك وهى تهتف بالنشيد
وترى العزاء عن ابنها فى صيته الحسن البعيد
ما نال من خدم البلاد أجل من أجر الشهيد
الساعة الثالثة :
أنا ساعة الرجل الصبور أنا ساعة القلب الكبير
رمز الثبات الى النهاية فى الخطير من الأمور
بطلى أشد على لقاء الموت من صم الصخور
جذلان يرتقب الردى فأعجب لموت فى سرور
يلقى الاله ( مخضب الكف ين) فى يوم النشور
صبر الشباب على المصاب وديعتى ملء الصدور
أنذرت أعداء البلاد بشر يوم مستطير
قسما بروحك يا " عطاء" وجنة الملك القدير
وصغارك الأشبال تيكى الليث بالدمع الغزير
ما أنقذ الوطن المفدى غير صبار جسور
الخاتمة
أجسادهم فى تربة الأوطان أرواحهم فى جنة الرضوان
وهناك لا شكوى من الطغيان وهناك فيض العفو و الغفران
لا ترج عفوا من سواه هو الاله
وهو الذى ملكت يداه كل جاه
وجبروته فوق الذين تغرهم جبروتهم فى برهم و الأبحر
لما تعرض نجمك المنحوس وترنحت بعرى الحبال رؤوس
ناح الأذان وأعول الناقوس فالليل أكدر والنهار عبوس
طفقت تثور عواصف و عواطف
والموت حينا طائف أو خاطف
والمعول الأبدى يمعن فى الثرى ليردهم فى قلبها المتحجر
يوم أطل على العصور الخالية ودعا :" أمر على الورى أمثالية"؟
فأجابه يوم :أجل ، أنا راوية لمحاكم التفتيش تلك الباغية
ولقد شهدت عجائبا و غرائبا
لكن فيك مصائبا و نوائبا
لم ألق أشباها لها فى جورها فاسأل سواى وكم بها من منكر
واذا بيوم راسف بقيوده فأجاب- والتاريخ بعض شهوده-
انظر الى بيض الرقيق وسوده من شاء كانوا ملكه بنقوده
بشر يباع ويشترى فتحررا
ومشى الزمان القهقرى فلا أرى
فسمعت من منع الرقيق وبيعه نادى على الأحرار يا من يشترى
واذا بيوم حالك الجلباب مترنح من نشوة الأوصاب
فأجاب :" كلا دون ما بك ما بى" أنا فى ربا "عالية" ضاع شبابى
وشهدت للسفاح ما أبكى دما
ويل له ما أظلما لكنما
لم ألق مثلك طالعا فى روعة فاذهب لعلك أنت يوم المحشر
اليوم تنكره الليالى الغابرة وتظل ترمقه بعين حائرة
عجا لأحكام القضاء الجائرة فاخفا أمثال ظلم سائرة
وطن يسير الى الفناء بلا رجاء
والداء ليس له دواء الا اللاباء
ان الاباء مناعة ان تشتمل نفس عليه تمت ولما تقهر
الكل يرجو أن يبكر عفوه ندعو له ألا يكدر صفوه
ان كان هذا عطفه وحنوه عاشت جلالته وعاش سموه
حمل البريد مفصلا ما أجملا
هلا اكتفيت توسلا وتسولا
والموت فى أخذ الكلام ورده فخذ عن الطريق الأقصر
ضاق البريد وما تغير حال والذل بين سطورنا أشكال
خسراننا الأرواح والأموال وكرامة -يا حسرنا -أسمال
أو تبصرون وتسألون ماذا يكون
ان الخداع له فنون مثل الجنون
هيهات فالنفس الذليلة لو غدت مخلوقة من أعين لم تبصر
أنى لشاك صوته أن يسمعا أنى لباك دمعه أن ينفعا
لا تعجبوا فمن الصخور نبع يفور
ولهم قلوب كالقبور بلا شعور
لا تلتمس يوما رجاء عند من جربته فوجدته لم يشعر
الساعة الأولى :
أنا ساعة النفس الأبية الفضل لى بالأسبقية
أنا بكر ساعات ثلاث كلها رمز الحمية
بنت القضية ان لى أثرا جليلآ فى القضية
أثر السيوف المشرفية والرماح الزاغبية
أودعت فى مهج الشبيبة نغمة الروح الوفية
لابد من يوم لهم يسقى العدا كأس المنية
قسما بروح "فؤاد" تصعد من جوانحه زكية
تأتى السماء حفية فتحل جنتها العلية
ما نال مرتبة الخلود بغير تضحية رضية
عاشت نفوس فى سبيل بلادها ذهبت ضحية
الساعة الثانية :
أنا ساعة الرجل العتيد أنا ساعة البأس الشديد
أنا ساعة الموت المشرف كل ذى فعل مجيد
بطلى يحطم قيده رمزا لتحطيم القيود
زاحمت من قبلى لأسبقها الى شرف الخلود
وقدحت فى مهج الشباب شرارة العزم الوطيد
هيهات يخدع بالوعود وأن يخدر بالعهود
قسما بروح "محمد" تلقى الردى حلو الورود
قسما بأمك عند موتك وهى تهتف بالنشيد
وترى العزاء عن ابنها فى صيته الحسن البعيد
ما نال من خدم البلاد أجل من أجر الشهيد
الساعة الثالثة :
أنا ساعة الرجل الصبور أنا ساعة القلب الكبير
رمز الثبات الى النهاية فى الخطير من الأمور
بطلى أشد على لقاء الموت من صم الصخور
جذلان يرتقب الردى فأعجب لموت فى سرور
يلقى الاله ( مخضب الكف ين) فى يوم النشور
صبر الشباب على المصاب وديعتى ملء الصدور
أنذرت أعداء البلاد بشر يوم مستطير
قسما بروحك يا " عطاء" وجنة الملك القدير
وصغارك الأشبال تيكى الليث بالدمع الغزير
ما أنقذ الوطن المفدى غير صبار جسور
الخاتمة
أجسادهم فى تربة الأوطان أرواحهم فى جنة الرضوان
وهناك لا شكوى من الطغيان وهناك فيض العفو و الغفران
لا ترج عفوا من سواه هو الاله
وهو الذى ملكت يداه كل جاه
وجبروته فوق الذين تغرهم جبروتهم فى برهم و الأبحر
0 comments:
Post a Comment