Pages

Thursday, May 5, 2011

القوى المضادة تتعاضد ضد الثورة السورية

حكايات حنكشتيكا الساخرة
الحلقة رقم 32
سعيد الغزالي- القدس المحتلة

ثلاثة رؤوس إفعوانية تهدد الثورة السورية، وقد تحول دون تحقيق أهدافها: انقسام موقف الطوائف تجاه المشاركة فيها، فهناك طوائف تظن أن الطوائف السنية القوة الرئيسة المشاركة في الثورة، ستطغى على الطوائف الأخرى، الطابور الخامس الذي ينخر عظمها الذي ينشط بتشجيع من النظام، والقوى القومية المتحالفة مع النظام، والتي لا تريده أن يسقط لحسابات سياسية إقليمية. وحمار حنكشتيكا كان جزءا من الطابور الخامس، لذلك أحس أن الوضع خطير جدا وأن الثورة قد تطول قبل أن تحقق أهدافها وتتجه إلى مسار آخر.
أيقن حنكشتيكا أيضا أن عدم انتشار الثورة في العاصمة دمشق، سيزيد من تعقيدات الموقف، ويهدد مستقبلها ويؤجل نصرها، فلن تنتصر ثورة لا تصل إلى العاصمة.
على الصعيد الميداني، كان الحدث الأبرز في الثورة السورية  يوم الاربعاء في الرابع من أيار، مايو هو حدوث انشقاق في الجيش في مدينة الرستن، وقتل ثمانية عشر محتجا، ومطالبة الجيش لسكان المدينة أن يقوموا بتسليم نحو 600 محتج، وهدد النظام بإصدار أوامره للجيش ليقوم باقتحام المدينة إن لم يفعلوا ذلك، كان يوما آخر من أيام الثورة الشعبية في سوريا.
 في ذلك اليوم، تلقى حنكشتكا رسالة الشاب السوري التحذيرية، الذي دعا إلى تلافي الأخطاء وتحقيق الوحدة والتلاحم بين الطوائف على أهداف واضحة للثورة، فقد تبين أن الناس منقسمة ما بين المطالبة بالحرية والإصلاح أو التشبث خلف هدف إسقاط النظام.
بينما كان حنكشتيكا مشغولا في تطوير الإداء الثوري في الجبهة السورية، كان أبوصابر، في اليوم الذي سبق، أي بعد أيام من تأييده لما جاء في خطاب الرئيس بشار الأسد، جالسا أمام حاسبوه في اسطبله يقلب مواقع الانترنيت، لمتابعة أخبار ابن عمه صاحب العمامة السوداء الذي يعيش في لبنان، وله بيت وأنصار، وكان صديقا للأسد.
تميز صاحب العمامة بذكائه وحنكته القيادية، فارتفع شأنه، وأصبح له أعوانا كثيرين، كان ينادي بالحرية والعدالة للشعب، وكانت علاقته بجاره السوري متينة وقوية.
أدرك حنكشتيكا بأن صاحب العمامة لا يترك حدثا في الداخل أو الخارج إلا وقام باستغلاله، والتحدث عنه وتبيان مواقفه، مؤكدا على ضرورة إنجاز الوحدة بين المسلمين ووحدة الأوطان لإنجاح الثورات العربية، لكن، عندما جاء الحديث عن الإرهاب والقمع والقتل الذى تمارسه السلطات الإيرانية ضد زعماء المعارضة في طهران، قام النظام الإيراني بوضعهم فى الإقامة الجبرية لمجرد مطالبتهم بالحرية، أصبحوا لذلك ملعونين ومرتبطين بأجندة صهيونية.
رغم ذلك، قال حنكشتيكا أنه يتفهم ارتباطات صاحب العمامة الأيدولوجية بإيران، وتغاضيه عن حليفه السوري والمقصود هنا بشار الأسد  الذي يقمع شعبه ويكتم أنفاسه، وينهبه. سكت حنكشتيكا على مضض متفهما موقف صاحب العمامة، ومصالحه المرتبطة بالنظام الأسدي أيضا.
لكن لكل شيء حدود، استهجن حنكشتيكا قبول صاحب العمامة أن يعمل كبوق من أبواق النظام السوري فتحول بذلك، في نظر حنكشتيكا، إلى حمار كذاب، يحرض ضد الشعب، بل اسوأ من ذلك، استخدم صاحب العمامة مصداقيته الشعبية وتجربته، وانتصاراته على الذئب الإسرائيلي، ليزعم  أن الثورة السورية لم تكن أصيلة، ونابعة من الظلم الواقع على الشعب، مدعيا أن عناصر أجنبية تقوم بتحريض الشعب على الثورة ضد النظام.

في هذا الوقت كان الوضع يزداد سوءا في مدينة درعا، مرت تسعة أيام من القتل والحصار المفروض على المدينه، من قبل قوات الأمن السورية وقوات الجيش المدعومة بالدبابات. قُطعت الكهرباء والماء والاتصالات عن المدينة، من أجل تركيع أهلها الذين تظاهروا مطالبين بالحرية والكرامة. وعد النظام بأن يرسل وفدا لتحقيق المصالحة ولكن بعد أن تهدأ المدينة تماما، والمقصود بالهدوء هو أن تقمع بالقوة.
نهبت هذه القوات المحلات وما فيها من مواد، وكذلك الصيدليات، وما فيها من أدوية، وأطلقت الرصاص على خزانات المياه على أسطح البيوت. أطلقت القوات الرصاص على كل شيء يتحرك. تناثرت الجثث في الشوارع. وذكرت مصادر طبية للمركز السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن نقلت يوم السبت والأحد 244 جثة من المدنيين إلى مشفى تشرين في دمشق، إضافة إلى 81 جثة من العسكريين الذين قتلوا بطلقات نارية في ظهورهم.
كانت حصيلة الشهداء في كل أرجاء سوريا نحو 700 شخص منذ بداية الاحتجاجات الشعبية السورية، وأعداد الجرحى بالآلاف وكذلك المعتقلين.   
تفاجأ حنكشتيكا، كما قلنا في حكاية سابقة، بموقف حماره الذي أبدى تأييده للنظام السوري، وأنفقع وقته يراقب التلفزيون الرسمي في شبكة الانترنيت، ويردد شعارات الغوغاء من أتباع النظام. وأشياعه، ومرتزقته، "الله، بشار وسوريا وبس".
لم يكن حنكشتيكا يتوقع من حماره أن يفعل ذلك، وزاد من الطين بلة، موقف صاحب العمامة، ومخاوف أحد شباب الثورة، أحس بأن الثورة في خطر شديد، فحزن واكتئب، وأيقن أن القوى المضادة تعيد تجميع نفسها لتنقض على الثورة، وزاد من حزنه أن حماره تورط بتأييد الثورة المضادة. خرج حنكشتيكا من الإسطبل مهموما، وتوجه إلى الساحة الخلفية للبيت حيث كان الديك، برفقة عدد من الدجاجات، ينقر بقايا الطعام، قرب حاوية النفايات. فجلس هناك على كرسي مصنوع من القش، يراقب المشهد ويفكر بمستقبله مع حماره.
أخذ حنكشتيكا يتساءل: هل فقد الحمار البوصلة، وقدرته على التفكير السليم، فأصبح يصدق كل شيء سمعه من صاحب العمامة أم أنه "حمار مصلحجي" وله ارتباطات ويخدم أيدولوجية وأجندة محددة؟! هل سمح الحمار لنفسه أن يخون قضية الحرية ويقبل أن يباع ويشترى في أسواق المزادات السياسية، لعل صاحب العمامة قد أرسل إليه عونا من أعوانه, ودفع له مالا، ليغير موقفه ويتحول من حمار ثوري مقاوم للطغيان والفساد والاستبداد، إلى حمار مرتزق يؤمن بأن ثورة شعب سوريا، ليست إلا مؤامرة مدبرة من قبل إسرائيل والغرب لتشكيل ما سماه شرق أوسط جديد.
بلغت الجرأة بحماره على ترديد الشعار الغبي: الله، بشار، سوريا وبس" الذي يشي بتبعيته، وردد آلاف ممن هم على شاكلته، الذين احتشدوا في الساحة أمام المنصة في مدينة دير الزور، يهتفون للرئيس المتعالي. تساءل حنكشتيكا: كيف تحيا أمه وفيها أمثال حماره. وكيف يثق الشعب بحمار يدعي أنه ثوري، لكنه لا يخدم إلا نفسه، ويتغذى على أفكار من أقذار القمامة الدكتاتورية التي يرتع فيها الذباب؟
هل مات ضميره وتبلد حسه. فكيف سيلقى ربه إذا بلغت الروح الحلقوم؟  فالحمار يرى أن المقاوم لا يكون مقاوما إن لم يكن متحالفا مع النظام الدكتاتوري، مع النظام السوري، فالمقاومة والجهاد حكر عليه وعلى النظام السوري الذي يؤيده، ويحق لهذا النظام أن يمنع الحرية عن شعبه، فإن ثار الشعب وطالب بالحرية، فالحمار يزعم بأن ثورته مسيرة من قبل عصابات صهيونية.
يتبع في الحلقة القادمة

0 comments:

Post a Comment