هكذا تكلم حنكشتيكا
سعيد الغزالي- القدس المحتلة
أعوذ بالله من هذا السؤال الذي لا يسأله إلا شيطان رجيم.
لا يجوز، يرفع البهلول أبو فرحه اصبعه محذرا.
سيصلى من يرفع صوته على حماس وفتح بنارهما.
يقول ذلك مصدوما كمن لدغته أفعى من ينظر إليهما كتنظيمين مقدسين، أي أنهما فوق النقد والمنتقدين، ولا يجوز لومهما بأي حال من الأحوال، لما جرى من انقسام، ويجب على الشعب أن يتحمل ما فعلاه على مدى السنين. يجب على الشعب أن ينقسم، إن انقسما، وأن يهادن إن هادنا، وأن ينهزم إن انهزما، وإن يجوع وأن يحاصر وأن يقاتل بعضه بعضا، وأن يتصالح إن تصالحا.
أليس هذا التصرف بعينه الذي يتصرفه نظام دكتاتوري عربي؟
ولكن، لا خطوط حمراء في هذه المدونة، وهي تستضيف أبا فرحه، الذي يقول ما يفكر به الناس، وما يجول بخواطرهم وما تحس به ضمائرهم.
كان الصخب الإعلامي والسياسي حول اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس أعلى من صوت الشعب الفلسطيني، استغل المحللون صوت الشعب غير المسموع وتحدثوا باسمه. منهم من قال أن الشعب يريد كذا، ومنهم من قال أن الشعب يريد ذاك. ويفصل بين كذا المؤيد لـ حماس وذاك نصير فتح برزخ في طول وعرض المحيط.
آن الأوان أن يقول الشعب كلمة الفصل في تقرير مصيره...
أن يقول إنه يريد إسقاط النظام القديم.
أن يقول أنه يريد إسقاط نظامي حماس وفتح.
لا أريد أن أسرق الفرحة من عيون الحالمين بالوحدة والمصالحة. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، من يغلب الفئوية على المصلحة العامة لا يكسب ثقة الناس.
لا نريد وحدة فئوية بل وحدة وتوحدا على الهدف والمصير.
أبو فرحة قال إن الشعب يريد إسقاط نظامي حماس وفتح.
أبو فرحة قال: إن الشعب الفلسطيني والله شعب جبار، هويته فلسطيني، ويبقى فلسطينيا، ولا يوجد أي كلام آخر. مرت أربع سنوات عجاف، والشعب الواحد صار خلالها شعبين، والهدف هدفين بل أهداف، والحكومة حكومتين، حكومة تسمي حالها حكومة مقاومة، وحكومة بيقولوا عنها حكومة مساومة.
جاء أبو فرحة يحكي للشعب ما هو الحل، بعد ما الشعب مل. وسمع كلاما كثيرا مملا.
أبو فرحه شخص جديد دخل على صفحات المدونة من ساعة ما وقعت الأخت حماس المحجبة مع اختها فتحية المكشوفة الراس اتفاق المصالحة.
جاء أبو فرحه يحكي حكي أُصول. وناس كتير بيقولوا ان كلامه غير معقول. أبو فرحه بيقول إن الاتفاق اتفاق نفاق. كلام ملغوم، والشعب مأزوم.
حنكشتيكا قال له: اسمع يا أبا فرحة، إسمك أبو فرحة ولازم تجيب إلنا الفرحة. وكلامك هذا بسوي في المعدة قُرحة. خلصنا، احكي كلام معدول عن القضية، المصالحة "فيري غود"، جيدة جداً، وبالعبري "موتسيان"، أرجوك ابعدني عن القرحة وخليني في الفرحة وبلاش تزعل الأخت حماس، والاخت فتحية.
حنكشتيكا طمعان، يحصل على شي قطعة من كعكعة المصالحة.
أي هذي مباطحة وما هي مصالحة، كان ذلك كلام أبوفرحة، رضي عنه الشعب.
قال أبو فرحة أنا لا أريد أن أسمع كلام أنتيكا بأنتيكا، ولا أشترك بحوار التيكا شيكا والبيكا تيكا، ولو كان كلام الأخ حنكشتيكا.
أبو فرحه عايش في المعصرة، فيها يصحا وينام، يشرب مية معكرة، وياكل خبز ناشف، والناس بتقول عنه مجنون وعارف، وللسر كاشف، وضعه ميؤوس، كان شعرة منبوش، ذقنة طويلة، ملابسة فضفاضة، عيونه بالدمع فياضة، كلامه حكم والناس بتحبه.
أبو فرحه بيقولوا عنه مجنون، داير في الشوارع، وناس حكوا إنه مسطول، بيحكي كلام غير معقول، واحيانا يتكلم كلاما منمقا، كأنه فيلسوف زمانه، وأحيانا يتغندر في كلامه، ويبعثر أحلامه ويحرك أشجان الناس.
أبو فرحة مجنون ومعتر، وما حدا بهتم ياخد رأيه. وما حدا بهتم يسمع لقوله.
أبو فرحة زي بقية الناس سمع أن الأخت المحجبة حماس اتفقت مع فتحية اختها المكشوفة الراس، بعد أربع سنوات من النزاع اللي ما له أساس، وبعد ما مصر عملت جهود ومساعي، على وضع نهاية للصراع بين الأختين المحجبة والمكشوفة الراس، وقال المحللون أن نهاية النزاع أكيده وغير صورية، ونهاية منشودة، للشعب ضرورية وفريده.
اتفقت الأختان على تبليط بداية جديدة ووضع حجرالأساس، بس الاتفاق كان متأخر، والكلام عنه متعثر، والبنا قديم وحيطانه متكسرة، ومشاكلة كثيرة، لا أول لها ولا آخر.
اتفقت الأختان وقال المحللون أن الاساس جديد من حجر صوان، أكدت الأختان أن البنا جديد من الراس للأساس، بس البنا كان من خشب وحديد ونحاس. بقيت امور كتيرة معلقة، فيها أخد ورد وحوار، أهمها ان الشعب مش عارف كيف بدو يتخلص من الاحتلال والحصار؟
الناس زهقانه من كلام السياسة والتدليس. والناس طفرانة وما في جيوبها فلوس، وجيعانة وكمان حيرانه وبدها حرية وكرامة.
طيب اذا كانت المساومة وصلت إلى طريق مسدود. والمقاومة عليها قيود وحدود، شو الحل لهادي المعضلة؟ والاحتلال كيف يزول؟ مش معقول نضل نقول، المساومة لا تنفع، والمقاومة مش هي الحل، طيب شو الحل والاحتلال كيف يزول؟
من يجرؤ أن يقول هذا مش معقول، أو بكلمات المغنية ذكرى محمد، شهيدة الأغنية السياسية: من يجرا يقول هادا مش معقول.
وسأل حنكشتيكا سؤاله، وكان غاطس في حوار البيكا شيكا والتيكا بيكا. أبو فرحة قال الحل جديد، الشعب يريد. وطالما أن الشعب لا يريد أو يخاف أن يقول أنه يريد، أو أنه يريد، ولا يريد أن يقول ما يريد، المعضلة راح تضل معضلة وما في حل، وخلي الشعب يضل في الحسرة والمرارة. هذا قانون جديد الشعب يريد والشعب لازم يقول أنا ما بدي حوار الشيكا بيكا والبيكا تيكا.
والشعب لسه بيسمع كلام الخشب، ويسمع كمان أن الخشب صار من كلام من ذهب، مدهون بيلمع من طلاء الخطابات، مدهون بفرقع بالشعارات. ويالله نسمع شو بيقولوا عن ها الإتفاق.
اتفقت الأختان وقال المحللون أن العلاقات بينهن ظاهرها كلام معسول، لا ينم عن حس مسؤول من شخص مسؤول، وباطنها، حل مشكلة الراس المكشوف والوجه المحجب.
قال المحللون أن كل الشعب انبسط بعد ما أصابه الكثير من العطب. أربع سنوات من السحب والضرب وتبادل اللكمات واللعنات، وفي لحظة من اللحظات، قالوا انحلت المشكلة، وصار ما في مشكلة، انحلت المشكلة والرئيس ضلو رئيس، الوزير ضلو وزير والعقيد ضلو عقيد، بس المتطرف وبطرفة عين صار غير متطرف، والفاسد صار غير فاسد، والمستسلم صار غير مستسلم، والعميل صار مناضلا، والمناضل صار عميلا، والمتأسرل ضلو متأسرل، والأصولي ضلو اصولي، والمتكلم ضل يتكلم، والخطيب ضل يخطب، والقاضي ضل قاضي، والطبيب ما في عندو الوصفة ولا الدوا، والوصفة كلام معسول وحوار لفتك(أي عملت شيء دون أن تلاحظني) وما لفتك، فرجيتك ، وبعدين خبيت عليك، والراس ضل مكشوف والوجه ضل محجب.
قال المحللون وأبو فرحه بيسمع، وعينه بتدمع: كل الشعب انبسط وانحلت المشكلة وصار ما في مشكلة.
قالت فتحية لاختها حماس: بلاش الحجاب، وشوفي طريقة تانية بدل ما تحطي حجاب خليك بالبيت وتخبي ورا الباب. وهيك ما في حساب ولا عقاب، خليك بالبيت ونعمل حكومة جديده من الحبايب، حبايبك وحبايبنا، مستقلين، حتى ترضى عنا حبيبتا الرباعية. وبلكي نسويها خماسية. وهيك تصير المشكلة أهون شوية، والحل بدو روية.
الاخت حماس قالت لاختها فتحية: الله يهديك يا خيتي وتحطي على راسك. وتصيري مستورة مثل بقية النسوان. لا يجوز أن تضلي مكشوفة الراس، صحيح إنت كبرت وصرت عجوز، ولا حدا بيطلع عليك، لكن كل ساقط له لاقط. فخافي من الله ولا تنزلي على الشارع مكشوفة الراس.
راحت فتحية المكشوفة الراس موافقة، لكنها قالت: أنا لي شرط.
حماس المحجبة قالت: اشرطي يا خيتي، بدال الشرط شرطين.
قالت فتحية: والله كريمة، وأنا بستاهل، شرطين أحسن من شرط، وهيك الأصول، والأمور بتصير زاكية زي المعمول، الشرط الأول إنك تبطلي إرهابية، والثاني إنك تستجيبي لمطالب الرباعية.
قالت حماس: بالنسبة للشرط الأول أنا مش ارهابية، وانا بطلت ها الإرهاب من زمان، ومطالب الرباعية على الراس والعين، شو رايك نعمل هدنة. بس انا خايفة ها الهدنة ما تمشي، حبيبتك المعززة، إسرائيل، ما بدها إيانا نكون خوات، وبتقول الهدنة مش مقبولة، وتضربنا في غزة، بدها تدمر ما تبقى فيها من عزة. طيب شو الحل احكي.
قالت فتحية: اعترفي بإسرائيل خلصينا، وما في حل غير هالحل.
قالت حماس: يا خيتي بلاش نسميها هيك.
قالت فتحية: طيب شو نسميها؟
قالت حماس: سميها هدنة لخمسين سنة.
سمع أبو فرحة الحوار. وسمع كمان حنكشتيكا الحكي وما دار.
حنكشتيكا قال: هذا الحل المزبوط وعليه نربط. وهيك الامور بتصير للأحسن، وتنحل المشكلة.
أبو فرحه قال الحل لا يكون بالكلام المعسول من شخص غير مسؤول.
المشكلة أن الشعب بدو إخلاص وخلاص، وكلام تخصيص ومش كلام تدليس.
الشعب بدو ينهي الإحتلال، ولا يريد علاقات اختلال ولا كلام اعتلال واعتدال.
الشعب بدو يعيش الحرية، وما بدو فزلكة عن شو معنى الحرية.
الشعب بدو مواقف شعبية وحقوق إنسانية ومش كلام عن مطالب الرباعية.
الشعب بدو قيادة مقاومة وليس قيادة مساومة.
الشعب بدو انتخابات لكل الفلسطينيين في الشام ولبنان ومصر والسودان والقدس وعكا وغزة ومكه.
الشعب يريد دم جديد، وراس جديد، وفكر جديد ومش كلام خشب مدهون وبيلمع وبالشعارات بيفرقع.
حنكشتيكا اعترض، وعن كرسيه نهض. قال: أبو فرحة كلامه مش أصول، كلام مجدول وغير واقعي، واحنا الفلسطينيين لازم نكون واقعيين، يا جماعة مطالب الرباعية واقعية.
والله صحيح إنه شعبنا أجدب. شعبنا صدق أنه فتحية المعوجة الساقين، والمكشوفة الراس، وحماس المحجبة، والمغمضة العينين، يمكن يجيبوا الديب من ديله، ويكرروا حكاية الراس المكشوف والوجه المحجب، الشعب لا بدو رباعية ولا خماسية، الشعب بدو حرية.
0 comments:
Post a Comment