Pages

Tuesday, July 12, 2011

حالة "الوكسة" الفلسطينية والرباعية الدولية


صورة لمؤتمر سابق للرباعية


سعيد الغزالي – القدس المحتلة

إنها حالة جديدة, اسميها "الوكسة", وهي موجودة في فلسطين وفي كل أقطار العرب من المحيط إلى الخليج.

وهي حالة تصيب الامم المتشرذمة والمتناحرة, قبل سقوطها في الكابوس. فإن وصلت الأمة إلى هذه

المرحلة من البوس, يصبح حالها كحال الميت الذي لا يتألم إن أصابه جرح. إن جراحنا كثيرة, ولكنني

ساتحدث فقط عن اجتماع الرباعية الدولية في واشنطن.

قال أبو الطيب المتنبي قديما.

من يهن يسهل الهوان عليه......... ما لجرح بميت إيلام

ويكاد هذا البيت أن يصف حالنا وحال العرب. أبدأ بالفلسطينيين.

يعيش المواطن الفلسطيني منذ ما يسمى اتفاقية أوسلو عام 1994 حالة من حالات "الوكسة", طبقا لتعريفها

اللغوي في مختار الصحاح "معجم اللغة العربية", وتعني حالة أسوأ من "النكبة" أي نكبة عام 1948,

و"النكسة" أي هزيمة عام 1967. إنها حالة "الوكسة" التي بدأت عام 1977, أي منذ أن وقع الرئيس

المصري الراحل أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل, وامتدت الوكسة, لتشمل الفلسطينيين ثم

الأردنيين في اتفاقية وادي عربة, واتفاقات تجارية مع دول عربية ولقاءات هنا وهناك.


وحالة الوكسة اذا استمرت ستقود الفلسطينيين إلى الكبسة, والكبسة لمن لا يعرف, هي أكلة خليجية,

ويستخدمها السجناء الفلسطينيون لتحذير زملائهم من هجموم يقوم حراس السجن عليهم. وعندما تغولت

الأنظمة العربية فسادا, وخيانة, وقمعا للشعب, فإنني أزعم أننا اجتزنا مرحلة الوكسة, ودخلنا في عصر

الكبسة الذي نعيشه اليوم, ومنذ شهر كانون اول عام 2010, عندما انتفض التوانسة على بن علي، وامتدت

الثورة إلى مصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا, برعم أمل بأن يتخلص العرب من حالات الوكسة

والكبسة.


ولا تزال المعركة مستمرة. إن فشلت الثورات, كلها أو بعضها, أو انحرفت, فسندخل عصر الكابوس, الذي

ظهرت أمائره في انقسام جنوب السودان عن شماله. وعصر الكوابيس يتميز بمزيد من التشرذم والانقسام

والتمزق في الوطن العربي, أي عصر التلاسن والتناحر والخلاف, وهو كابوس يقتل الآمال, ويغتال

الأحلام. ليس الكابوس في القوى المحتلة في العراق وفلسطين, ولكنه في أهل الدار, وحكامها المستبدين في

بلاد العرب ، الذين يسمون أنفسهم أولي الأمر.

وكما قال ابن الخطيب قديما في وصف حالنا الآن:

"كنا عظاما فصرنا عظاما
وكنا نقوت وها نحن اليوم قوت"


في هذا الخضم,  اجتمعت أربعة ذئاب في واشنطن, والمقصود ذئاب الرباعية الدولية, التي عهد إليها

الإشراف على تصفية القضية الفلسطينية, دون المساس بالمصالح العليا لإسرائيل, مع بقاء اللاجئين

مشردين, والقدس محتلة, وتحويل المقاومة إلى مساومة خاسرة, اجتمعوا في واشنطن يوم الاثنين مطولا,

ولم يحرزوا أي تقدم, اختلفوا على التفاصيل, وخرجوا بعد ساعتين و 15 دقيقة دون إصدار بيان.


أعلن كبير متحدثيهم أن هناك فجوات تفصل بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. والمقصود بذلك, أن

الجانب الفلسطيني يصر على عدم الرجوع إلى "زنقة" المفاوضات المباشرة, قبل ان تضمن الرباعية

انسحاب إسرائيل من أراضي عام 1967, وفق خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

إسرائيل عارضت الخطاب في حينه, رغم غموضه ومنزلقاته, وأهمها قضية تبادل الأراضي.

الرباعية الدولية لا تمارس ضغوطات على إسرائيل للموافقة على أفكار الرئيس الأمريكي أوباما, واسرائيل

لا يمكن الضغط عليها.  


قال أحد الذئاب, وهو مسؤول كبير في الإدارة الامريكية بعد الاجتماع ولم تكشف التقارير الواردة من

واشنطن اسمه: "لا تزال توجد فجوات تعيق تحقيق تقدم. ومن المنظور الواقعي يتعين بذل مزيد من الجهد

لسد تلك الفجوات".

وأضاف "للبيانات العلنية زمان ومكان وللدبلوماسية السرية زمان ومكان يناسبها. ويجب أن نبذل المزيد من

الجهد سرا وبهدوء مع الأطراف لنرى هل يمكننا سد هذه الفجوات."


ورفض الخوض في الحديث عن طبيعة الفجوات، وقال إن الرباعية تدرك "أنه توجد حاجة ملحة لدعوة

الأطراف إلى التغلب على العقبات الحالية، وإيجاد سبيل لاستئناف المفاوضات المباشرة دونما تأخير أو

شروط مسبقة".

ما هو هدف الذئاب الأربعة؟

إن هدفها أن تجر السلطة الفلسطينية إلى مذبح المفاوضات المباشرة, دون التزام دولي بأن نتائج المفاوضات

ستفضي إلى انسحاب اسرائيل من الأراضي الفلسطينية. والمقصود أيضا أن يقبل الفلسطينيون بأن يذبحوا دون أن

يحتجوا.

فإن فعلت السلطة وانجرت إلى المفاوضات, وإن لم تغير مسار طريقها إلى اتجاه آخر, بعيدا عن الرباعية,

واللقاءات العبثية, فهذه هي "الوكسة" بعينها.





0 comments:

Post a Comment