Pages

Saturday, April 30, 2011

شخصية اليوم


من هو؟
راتبه أربعون ألف دولار.
عمله: كلامنجي. بهلوان
يزعم أنه يكره إسرائيل؟
صديقها بالسر، لكنه مكشوف
انجازاته في عمله: صفر بل تحت الصفر بل حروب ودمار
طموحاته: أن يصبح رئيس مصر؟
هل عرفتموه؟

سر الصندوق الملصوق بظهر وزير المالية المصري


حكايات حنكشتيكا الساخرة

حلقة رقم 28
سعيد الغزالي- القدس المحتلة

من لم يعلم لماذا ثار الشعب في مصر، وقدم الشهداء وأسقط حسني مبارك؟
هناك مليون سبب وسبب، بعضها معروف لكثير من المصريين والعرب، وحتى لصديقي حنكشتيكا، الذي حفظها عن ظهر قلب من كثرة تردادها من قبل وكالات الأنباء وشبكات التلفزة والمحلليين والخبراء الاستراتيجيين. فقد كثر الحديث عن الإستبداد، البلطجة، القمع، الفساد، الفقر، البطالة، والتبعية السياسية.
الجميع يعرف لماذا ثار الشعب في مصر على حاكمه، باستثناء الحكومة المؤقتة، المؤتمرة بأمر المجلس العسكري الأعلى. نعم الحكومة بوزرائها المؤقتين لا يعرفون لماذا هتف  الشعب المصري بإسقاط النظام وتردد صدى هتافه "الشعب يريد إسقاط النظام" في جهات الأرض الأربعة.
هذا ما قلته ذات يوم لصديقي حنكشتيكا. ووافقني على ذلك أبو معروف، بل إن الصحفي ناصر نصر نصري أبدى اهتماما غير عادي بالموضوع، واستعد أن يتحدث عنه بإسهاب ممل، كيف أن العدوى الثورية انتقلت من تونس ومصر إلى ... وإلى ... وإلى...
قلت لثلاثتهم: دعوني أتحدث باختصار ووضوح شديدين، وأفترض أن نوايا الحكومة المصرية المؤقتة حسنة، فالكمال لله وحده، إن أخطأ البشر، فيجب أن نعذرهم خصوصا إن كانوا لا يعلمون. نعم الوزراء في الحكومة المؤقتة،أصحاب الكفاءات والخبرات والمؤهلات والمعلومات لا يعلمون، إنهم يجهلون ولا يتجاهلون، لا يعرفون ولا يزعمون عدم المعرفة. لذلك دعوتكم أيها الأصدقاء لأخبركم أنني عينت صديقي ورفيق دربي حنكشتيكا تعيينا افتراضيا في منصب مدير مكتب وزير المالية المصري في الحكومة المؤقتة.
قد تسألون لماذا فعلت ذلك؟ أريد حنكشتيكا أن يجيب على سؤال مهم: لماذا عاد وزير المالية المصري من واشنطن وهو يحمل صندوقا ثقيلا على ظهره، وقيل إن الصندوق التصق بظهره ولم يقدر أحد على فصله عنه؟ قيل إن الوزير بحاجة إلى عملية استئصالية، تفصل الصندوق عن الظهر. إن في الأمر طرافة، لذلك...
ثم وجهت كلامي إلى حنكشتيكا: جهز نفسك، سأرسلك إلى مكتب الوزير لتكشف لنا سر الصندوق. تبادل الرفاق الثلاثة النظرات ذات المغزى، ولمحت أبو معروف يشير بإصبعه إلى رأسه، بإشارة دالة على أن عقلي طار.
تجاهلت غمزهم ولمزهم. وتابعت حديثي: اريد  أن أحصل على إجابة واضحة على هذا السؤال فقط. لا أريد أن أسمع منك حديث سياسة وسياسيين، لا اريد أن اسمع كلمة واحدة عن عداء الحكومة المؤقته لإسرائيل، ولا عن رغبتها ببناء جيش مصري قوي للدفاع عن حدودها ومصالحها القومية، ولا عن استقلالها السياسي، ولا عن اتفاقية كامب ديفيد، وضرورة إلغائها أو تعديلها، ولا عن مسؤولية مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
قال أبو معروف مصعوقا: هذه هي الموضوعات المهمة التي تتداولها وكالات الأنباء ومعظم الدبلوماسيين والسياسيين: ككامب ديفيد، إتفاق المصالحة الأخير بين حركتي فتح وحماس الموقع في القاهرة في السابع والعشرين من الشهر الجاري، علاقة إيران بمصر، ومستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، بصراحه إنها موضوعات الساعة. نحن مهتمون بها. ومسألة الصندوق هذه ....
تأهبت لإسكات أبي معروف، لكن الصحفي ناصر نصري نصر  فعل ذلك، نيابة عني، وقال: أنا لم أفهم ماذا تقصد بقولك أن وزير المالية المصري عاد من واشنطن وقد ناء ظهره بحمل صندوق ثقيل.
أجبت: هذا ما سيكشفه لنا حنكشتيكا بعد أن يذهب ويعود من مصر. فقد جعلته يتسلم مهام منصبه اعتبارا من يوم غد. وسيطير إلى القاهرة مساء اليوم، وبعد ذلك يبلغنا الخبر اليقين برسالة إيملية مفصلة.
أخبرت نصري وأبا معروف بأنني زودت حنكشتيكا بالمعلومات الاقتصادية المهمة. ومن تلك المعلومات أن نحو 160 ألف رجل أعمال في مصر يملكون أربعين بالمائة من ثروة البلد. إقتبست ذلك من تقرير التنمية البشرية لعام 2007. ولا أخفيكم أنني ذُهلت عندما علمت أن ستة وثلاثين مليون مصري يعيشون بأقل من 360 جنيها بالشهر وان أصحاب رؤوس الأموال يملكون أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، وأن ديون مصر وصلت إلى 34.7 مليار دولار العام الماضي. أشفقت على الثورة المصرية عندما علمت أنها تواجه مشكلة إيجاد فرص عمل لنحو ثمانية مليون عاطل عن العمل.
قلت لحنكشتيكا: إذهب يا حنكشتيكا واكشف لنا سر الصندوق الذي يحمله وزير المالية المصري على ظهره، ولا يستطيع أن يفك نفسه منه، ظن الرفاق الثلاثة أنني أتناول حبوب الهلوسة، لكنهم لا يستطيعون أن يعصوا لي أمرا، فأنا حسني مباركهم، وبشارهم الأسدي، وملكهم، أحد العبدلين المبجلين، ومحمد سادسهم، وأنا بوتوفليقيتهم، وأنا بقية الربع من حمير الأمة العربية الرؤساء العظماء.
طار حنكشتيكا إلى القاهرة، وهو يلعن اليوم الذي التقى فيه بشخص مثلي يتصور أن وزيرا يلصق بظهره، ويرسله في مهمة فاشلة.
ولما دخل حنكشتيكا مكتب وزير المالية دكتور سمير رضوان في مبنى وزارة المالية في منطقة لاظوغلى بوسط القاهرة، وجده كما ذكرت له يحمل الصندوق، وقد ناء ظهره بحمله وزخ وتقوس من الثقل، وكاد أن ينكسر.
قال في سره: صدق سيدي، ولم يكن من القوم المهلوسين. وكما لم يصدق حنكشتيكا قولي في بداية الأمر، لم يصدق ما رأته عيناه. كان الوزير يئن ويتلوى تحت ثقل حمله، وكأنه يحمل حجر طاحونة.
 أشفق حنكشتيكا عليه، وهب إلى نجدته يريد أن ينزل الحمل عن ظهره، ويُريحه منه، لكنه وجد الصندوق ملتصقا بالظهر، ولا يمكن فصله عنه، فكأن الصندوق صار جزءا من جسم الوزير، فقال مندهشا: ما الذي دعاك، سيدي الوزير إلى أن تحمل هذا الصندوق الثقيل على ظهرك، وتلصقه به لصقا متينا؟ لماذا فعلت بنفسك هكذا؟ لم أر في حياتي وزيرا يلصق بظهره صندوقا ثقيلا أو خفيفا. فهل أصابك مس من الجنون؟
هز الوزير رأسه، وناء بحمله أكثر، وكاد أن يسقط على الأرض، وقال بأسى: مضطر. ولم يزد على ما قال، فالثقل الشديد على ظهره جعله يئن ويتوجع ويشكو من حدوث كسر مؤكد في العمود الفقري، فسارع حنكشتيكا إلى استدعاء سيارة إسعاف، فنقلته إلى  مستشفى القصر العيني في جزيرة المنيل في القاهرة.  
لما سأل مدير المستشفى الوزير: يا رضوان، لماذا فعلت ذلك بنفسك، وحملت صندوقا ثقيلا وألصقته بظهرك؟ لماذا أهلكت نفسك؟
 أجاب الدكتور رضوان: مضطر ولم يزد على ما قال.  لم يفهم مدير المستشفى، الذي لا يعلم ماذا يوجد في داخل الصندوق، لماذا اضطر الدكتور رضوان أن يمشي بصندوق محمول على الظهر. وقال في سره: كيف يسمح شخص فهمان، كالدكتور رضوان، لنفسه أن يرتكب هذه الحماقة. وشك بسلامة عقله.  
استدار المدير إلى حنكشتيكا، وسأله نفس السؤال. أجاب حنكشتيكا: لا أعتقد أنه مضطر، ومن المؤكد أنه ليس مضطرا، ولا يجوز له أن يُحمل نفسه ما لا طاقة له على حمله، ويبدو أن الصندوق  مصيبة أصابته، أو جني أجبره على حمله، أو لعله تضخم من مرض سابق، أو ... أو.... والله العظيم يا دكتور لا أدري، ولو كنت أدري لأعلمتك. وقد جئت خصيصا من القدس وطرت إلى هنا لأكشف هذا السر.
تفاقمت حيرة مدير المستشفى، والتبس الأمر عليه، فظن أن مدير مكتب الوزير أجن من الوزير، يتحدث عن عفريت ويزعم أنه جاء من القدس لكشف سر الصندوق الغامض، لكنه كطبيب يتوجب عليه أن يقوم بعمله الإنساني، ويفصل الصندوق عن الظهر، بغض النظر عن السبب الذي أدى إلى بروز صندوق من ظهر وزير المالية.
 استدعى مدير المستشفى جميع الأطباء الأخصائيين في الجراحة الباطنية والعظام المهشمة والنوازل الصدرية، واستعان بطبيب مختص في استئصال السرطان التي تصيب العقول.  تأكد بعد الفحوصات أن السرطان استفحل في الرأس وامتد إلى البطن وظهر كورم على شكل صندوق ملتصق بالظهر. وتبين له أن المرض المجهول للطب والأطباء مستفحل يصيب كل وزير مالية مصري. وقد أصاب وزراء سابقين، وآخرهم الوزير السابق يوسف بطرس غالي.
قال مدير المستشفىى: دلت الفحوصات على وجود سرطان برأس الوزير، لو استئصلناه، سينزاح عن ظهره الصندوق ويشفى. ولم يكن بوسع فريق الأطباء أن يفعلوا ذلك. والأمر المستهجن أن الوزير، برغم معاناته الشديدة، أصر على أنه يستطيع أن يعيش ويتعايش مع الورم السرطاني المنتفخ.
ثارت تساؤلات كثيرة في ذهن حنكشتيكا: هل الأطباء المصريين لا يتمتعون بالكفاءة للقيام بجراحة استئصالية للورم الذي انتفخ على ظهر الوزير؟ هل الجني الذي دخل رأس الوزير تمكن من السيطرة على تفكيره، فشله وسيّره على هواه، وجعله يرفض أن يتعاون مع الأطباء؟
كان لا بد من دراسة الملفات القديمة، وجد المدير أن عشرة وزراء مالية سابقين قد اصيبوا بهذا المرض العضال، وحملوا على ظهورهم صناديق ثقيلة. وكان العلاج المذكور في الوثائق القديمة هو التخلص من الصندوق بإزالة الأعراض، والإمتناع عن الممارسات الخاطئة.
كان الوزراء السابقون يمارسون سياسة "إنهب ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب". ولما نهبوا كل شيء في الجيب، استدانوا من البنك وصندوق النقد الدوليين. وأفلسوا واستدانوا، واستمروا في النهب والصرف، واستزادوا في الاستلاف وتراكمت الديون  على مصر.
استفحل المرض، فراحوا يسألون حكماء البنك وصندوق النقد عن الحل، فجاء الحل على شكل أوامر عسكرية صارمة وملزمة. خفضوا النفقات. قال ناهبوا النظام السابق: لا نستطيع إلى ذلك سبيلا. لا يمكننا أن نتخلى عن امتيازاتنا، وحياتنا المترفة، وخدمنا وحشمنا وعبيدنا وقصورنا ونساءنا وحياة الفخفخة والبطر، ولا نقبل أن نعيش حياة التقشف والطفر. فهل من حل آخر؟
  قال حكماء البنك وصندوق النقد: نفهم ذلك، ونفهم أهمية الإبقاء على هذا النوع من حياة الرخاء والنعيم، فأنتم وزراء مهمون وقادة جيش لكم مناصبكم، ورتبكم الرفيعة، ومنكم رجال أعمال  كبار تديرون شركات واحتكارات، وأنتم بأمس الحاجة إلى الطائرات والسيارات والخادمات في القصور ولا يمكنكم أن تقتصدوا في النفقات.
ونحن بدورنا لا نمانع أن نقرضكم المزيد. ولكن لا بد لنا أن نضمن حقوقنا، ونسترجع مالنا، فعليكم أن تستجيبوا لنصائحنا. إن لم تقتصدوا في نفقاتكم الشخصية، فاقتصدوا في نفقاتكم على الشعب.
سأل نهابوا مصر حكماء البنك وصندوق النقد: وماذا تقترحون علينا وما هي المجالات التي يمكن أن نقتصد ونقتر النفقات على الشعب؟
فجاء الجواب على النحو التالي: دعو أسعار السلع والخدمات تحلق وتطير. هذا شيء مريح لكم، وتكسبون مالا أكثر، من كان مريضا وبحاجة إلى علاج من أفراد الشعب، فليتحمل وحده نفقات علاجه. ومن لا مال لديه، لا حاجة لأن يتابع دراساته العليا، ومن يسكن في المقابر، فليبق حبيسها إلى آخر يوم في حياته، لأن ذلك أيسر عليه وعلى الناس عند الموت. فالبيت في القبر والقبر في البيت.
لا توفروا فرص عمل جديدة لخريجي الجامعات وعددهم يزيد عن عدد شعر الرأس، فليبحثوا عن عمل خارج مصر. لا تحاولوا أن تقلصوا البطالة، بتوفير فرص العمل، بفتح مشاريع ضخمة تستوعب أعدادا كبيرة من العمال لأن ذلك يوهن قدرة القطاع الخاص من التحكم في الإجور. دعوا القطاع الخاص ينمو ويكبر. سهلوا عليه، قدموا له ما يريده من تسهيلات وإعفاءات.
لا تضعوا شروطا قاسية على مشروعاته، دعوه يربح، ويكنز المال والذهب ويضخم الأرصدة، دعوه يستثمر، ارحموه، سلموه القطاع العام بأثمان بخسة، لا تقيدوه بقانون ولا بإجراء.  لا تفرضوا الضرائب عليه، لا تقيدوا رواتب مدرائه التنفيذيين بحد أعلى للإجور أو اجور العمال الفقراء بحد أدنى يوفر لهم حياة كريمة.  هذا ليس شأنكم، دعوا الغني يغنى والفقير يفقر. اسمحوا لرجال الأعمال أن يطردوا العمال بلا قيود ولا تجبروهم على دفع مستحقاتهم. لتكن عملتكم خفيفة وزنها كوزن ريشة، وقيمتها كقيمة ورقة في سلة مهملات، تخفض قيمتها وترفع وفق أسعار السوق.
لا تفرضوا الجمارك على السلع المستوردة، لحماية منتجات البلد. كونوا جزءا من السوق العالمي. لا تحددوا أسعار السلع، لا تُرَشدوا الاستيراد، لا تخططوا، لا تغلقوا الباب أمام الاستثمار الأجنبي. انقلوا أموالكم إلى خارج البلاد واستثمروا واقترضوا انهبوا ولا تتأخروا في السداد.  
كان كل ذلك مكتوبا في تقارير الأطباء عن أمراض السرطان التي أصابت الوزراء السابقين. سأل حنكشتيكا مدير المستشفى: علمنا أن هذا تشخيصكم للوزراء السابقين، فما هو تشخيصكم لحالة الوزير رضوان وصندوقه العجيب.
قال الطبيب: بسيطة، نفتح الصندوق. أزال المدير الغطاء عن الصندوق، فوجده مكدسا بالدولارات. خرج حنكشتيكا من المستشفى وتوجه فورا إلى مبنى وزارة المالية، وبحث في وثائق الوزارة وعلم أن الحكومة الموقتة قد أوفدت وزيرها إلى واشنطن، ليقترض ما يزيد عن 6 مليار دولار من البنك وصندوق النقد الدوليين.

Friday, April 29, 2011

الإعلامية لونا شبل تدافع عن النظام السوري



سعيد الغزالي- القدس المحتلة


قدمت لونا شبل الإعلامية السورية استقالتها من عملها في قناة الجزيرة، احتجاجا على طبيعة تغطية قناة الجزيرة "غير المهنية"  لموجة الإحتجاجات في سورية، ودعمت شبل في مقابلة مطولة مع قناة تلفزيون دنيا الموالية للنظام السوري، قولها بأمثلة مستقاة من مشاهداتها داخل القناة، وقد تكون شبل محقة في بعض انتقاداتها، أو لا تكون، وقد تكون اتهاماتها مبررة أو ليست كذلك، ولكن من المؤكد أن القناة ليس لديها مراسلون ينقلون الحدث مباشرة من الأرض السورية، لأن النظام يمنع الإعلاميين من دخول أراضيه. وتضطر القناة إلى الإعتماد على شهود عيان. ومعظمهم يخشون من بطش النظام.  
ورغم تعاطفي مع "المبررات المهنية"، لكوني مطلع على الألاعيب الإعلامية وعايشتها خلال عملي في وكالة أنباء الاسوشيتدبرس خلال تسعة أعوام، إلا أنني لا أبرر لـ "تحاملها الشديد" الذي يحمل موقفا سياسيا بحتا.
 فقد زعمت الإعلامية السورية أن الإحتجاجات في سوريا تدار من الخارج، وذكرت بعض الأمثلة، لكنها لم تكن مقنعة. ومن تلك الأمثلة التي ساقتها شبل، اسم معارض سوري يعيش في الخارج، ويقود الاحتجاجات في درعا، وهذه حجة بالية يستخدمها الكثيرون في أقطار الوطن العربي ضد منتقدي الأنظمة، فالمواطن السوري أو الفلسطيني أو العراقي لا يفقد ارتباطه بالوطن إن كان يعيش في الخارج، ناهيك عن أن معظم المواطنين الذين يعيشون في الخارج قد هُجروا أو أضطروا أن يتركوا أوطانهم.  
  في هذا السياق أتذكر قول معارض إيراني عاش خارج إيران، قال المعارض: طالما أن هناك سماء وتحتها أرض، فهذا وطني.
الوطن هو الإنسان الذي تصان كرامته. والوطن الذي لا يصون كرامة أبناءه ليس وطنا.
 المواطنون السوريون في درعا الذين احتجوا على القمع الشديد لهم ، والمواطنون في أرجاء سوريا، لم يأخذوا أوامرهم من "عناصر خارجية". لا أعتقد أنهم يعملون بـ "رموت كنترول".
هناك من يصر على معاندة الواقع وصيروراته في الساحات العربية دفاعا عن الأنظمة العربية المستبدة، ومنهم كما يبدو الإعلامية لونا شبل، التي تمسكت بنظرية المؤامرة. وحاججت بأن أمريكا والغرب وبعض الأنظمة العربية الرجعية يسعون إلى اسقاط "أنظمة عربية تقدمية"أو أنظمة ممانعة، كما يحلو للبعض أن يسميها.
واستدلت شبل على صحة رأيها بمقتطفات من تصريحات وردت على ألسنة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية. ولم تنتقد شبل بحرف واحد النظام في سوريا، وبغيه وعدوانه، بل تبنت "نظرية المؤامرة" بنسبة مائة بالمائة.
أنا لا أنكر أن هناك قوى حاولت وتحاول امتطاء الثورة، وقد حدث ذلك في مصر، وتونس، وليبيا، واليمن وسوريا، ولكن هذا لا يعني أن نتهم الملايين من المحتجين ضد الأنظمة الاستبدادية بأنهم عملاء للغرب.
ولو فحصنا بقليل من الذكاء ماذا جرى في حرب الخليج الثانية، فإننا سنلاحظ أن أمريكا تمكنت بمباركة أنظمة عربية ومنها دول الخليج، وسوريا ومصر من إسقاط النظام العراقي المستبد، وسعت بعد ذلك الوقت إلى اسقاط أنظمة عربية ممانعة مثل النظام السوري من منطلق نظرية الدمينو التي تبناها وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد.
نتذكر أيضا كيف كان النظام السوري يرتجف هلعا من دوران الدوائر عليه، وقد حاول أن يبرأ نفسه من أي دور في العراق. وكشفت الويكيليكس وثائق تؤكد أن بشار الأسد تحدث مع الأمريكيين عن دور يقوم به في المنطقة، ووصف حركة حماس بأنها ضيف ثقيل الظل.  

ليس الأمريكان وليس الأوروبيون الذين فجروا موجة الاحتجاجات في الساحات العربية، بل الشعوب التي ملت من الظلم والاستبداد الذي استمر عقودا طويلة.
هناك خلط كبير في الأوراق، وهذا الخلط قد يضلل الجماهير، ويحرفها عن مسارها الثوري، بدعوى أن موجة الاحتجاجات قد تم امتطائها وتأجيجها وتحويلها إلى فوضى عارمة وحروب اهلية وفتن وتقسيم بلدان ونهب ثروات وتمرير حلول سياسية في المنطقة. لا شك أن هناك مخاوف بحدوث ذلك. ولكن الأنظمة الدكتاتورية كالنظام الليبي واليمني والسوري يسعون – بقصد أو بغير قصد- إلى الوصول إلى هذه الفوضى، بإصرارهم على التمسك بالنظام.
لماذا لا يقوم هؤلاء الدكتاتوريين بقطع الطريق على أمريكا وغيرها والإستماع إلى صوت الشعب، وتلبية مطالبة والدخول في مسارات الحرية والإصلاح تؤدي إلى قيام أنظمة ديمقراطية ومدنية؟
لا احد يمكنه أن ينكر أن إسرائيل هي المتضرر الأكبر من المتغيرات في المنطقة.هل هناك من هو أفضل للإسرائيليين من حسني مبارك وزين العابدين؟ وحتى الرئيس بشار الأسد، برغم شعاراته القومية الكبيرة، والزعيم معمر القذافي، برغم دون كيشوتيته السخيفة والخائبة قدموا خدمات جليلة لإسرائيل. 
ماذا فعل النظام السوري لتحرير أراضيه في الجولان؟ هل أعد وجهز الجيش السوري لخوض الحرب واستعادة أراضيه المحتلة؟ ألم يراقب هؤلاء الزعماءالعرب غزة وهي تحترق بنيران الإسرائيلي في حرب الكانونين.
من الجلي أن النظام العربي ينهار حاليا، وهذا النظام استبدادي، بغض النظر عن كون بعض الأنظمة تزعم أن لها مواقف قومية. إن الموقف القومي ليس شعارا يحكي، بل عمل وممارسة على أرض الواقع، وبالتأكيد، فإن الفعل القومي هو ذلك الفعل الذي يقف إلى جانب الشعب وحقوقه وآماله وطموحاته ولا يقف إلى جانب الزعيم المستبد.
إن الزلزال الذي تحدث عنه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو سيصل إلى هنا، إلى فلسطين.والذاكرة الشعبية العربية المنتفضة ضد حكامها المستبدين زاخرة بكل ما فعلته إسرائيل 
بالفلسطينيين والعرب منذ أكثر من ستين عاما. 

صيحة الديك السوري من هضبة الجولان المحتلة


لا تعودوا إلى حظيرة الخوف

إخواننا السوريون، إخواننا في الوطن الحبيب سوريا، نحن أحفاد الثورة السورية الكبرى، ثورة سلطان باشا الأطرش، نطالبكم بالتمسك بهدفكم من أجل إسقاط النظام. ونحذركم من العودة إلى حظيرة الخوف والقبول بحلول ترقيعية. ونقول لكم إن تحرير الجولان يبدأ من تحرركم من نظام بشار الأسد الدكتاتوري.
إخوانكم في الجولان المحتل
عدد كبير من الموقعين 

هجوم مسعور



شن شخص يدعى سالم محفوض، هجوما على موقعنا، ووضعنا في زمرة الكلاب الشاردة، وقد هدد بأن أسماءنا ستقدم إلى الحكومة السورية، وسيجري تسليمنا كلبا، كلبا.

نكتفي بأن ننشر كلمات سالم محفوض في مدونتنا، بلا تعليق.لعل من يقرأ كلماته، يقتنع بما يقول، كتب سالم محفوض: الهزيمة النكراء لكم ... أوصلكم الى هذا الجنون الهستيري .. ألم نقل لكم
يا أغبياء ... إن الكلاب الشاردة .. أمثالكم .. تنبح كثيراً .. الأسود لا
تفعل ذلك ..... مبروك ... سقطت المؤامرة ... وأدواتكم الرخيصة ... يبولون
في ثيابهم / رجال ماشا الله/ مثلكم ... الدول الداعمة لكم .. أعادت
حساباتها .. وسراً ... تتقدم الى الحكومة السورية بأسماءكم .. الخطوة
الثانية ... تسليمكم كلباً كلباً ... ألم نقل لكم يا كلاب ... أنكم دخلتم
عرين الأسد ؟!!

دراسات هامة عن الثورات العربية



دراسات هامة صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

يسعدنا أن نضع في أيدي قراء مدونتنا مجموعة من الأوراق البحثية والمقالات التي صدرت مؤخراً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي يديره المفكر العربي عزمي بشارة. والمركز العربي هو مؤسسة بحثية فكرية مستقلة للعلوم الاجتماعية والتاريخية، وبخاصة في جوانبها التطبيقية. ويسعى المركز إلى خلق تواصل وحراك فكري وثقافي في المجتمعات العربية والاسهام في عملية البحث والنقد وتطوير الأدوات المعرفية.
وتقديرنا منا لأهمية هذه الدراسات، ننشر الوصلات المؤدية إليها. ونقدر اهتمامكم وتقديركم.

أولاً: تحليل سياسات
· "الخاص والعام في الانتفاضة الشعبية السورية الراهنة"، الورقة هي نتاج تفاكر ونقاش جماعي لباحثي المركز.

· الأستاذ فراس أبو هلال: "الموقف الإسرائيلي من الانتفاضة السورية".

ثانياً: المفكر العربي الراحل خلدون النقيب: سيرة وحياة.

ثالثاً: مقالات
· الدكتور محجوب الزويري: "في استقالة وزير الاستخبارات الإيراني: خامنئي والدور السياسي".

· الدكتور محمد عادل شريح: "الثورات العربية وملامح الفكر السياسي العربي الجديد".


صيحة الديك المقدسي: السكون هو الموت



أيها الفلسطينيون، أيها العرب: كفى صمتا عما يجري بالقدس. كفى سكونا. يجب أن تعلموا أن السكون يؤدي إلى الموت. الإنتفاض ضد الظلم هو الحياة. 

لا تقتل أهلك


وصلت إلى بريدي الإلكتروني رسالة موجهة من شعب سوريا إلى الجيش السوري بثت في موقع اليوتيوب، أقتطف منها  الفقرة التالية:

أخي المقاتل السوري الحر
إن النظام سيعمد إلى أخذك إلى مدينة ليست فيها أُسرتك، لتقبل أن تقتل أهلها، وسيأخذ المقاتل من هذه البلده ليقتل اهلك، فإن قتلت أهله هنا، سيقتل اهلك هناك، فإن رفضت قتل اهله، رفض قتل أهلك، فإذا وجهت سلاحك إلى صدر مواطن، فاعلم أنك أنما توجهها إلى صدر أخيك الآمن في بلدك. وإن حقنت دم مواطن فاعلم أنك حقنت دم أخيك هناك.
إن سوريا بكافة طوائفها هي أسرة واحدة كل مواطن فيها هو أخوك أو أبوك أو ابنك فلا تقتل اهلك، فإن الخاسر الوحيد في هذه المجزرة هو أنت، أنت ولا أحد غيرك، فلا يدفعك النظام لتذبح نفسك بيدك وتبيد شعبك. 

الكتابة هوائي


وجدت لأكتب لكم، ايها القراء الأعزاء. يهمني أن أتواصل معكم، وأن تكون أصدقائي، وأن ترسلوا تعليقاتكم واقتراحاتكم ورسائلكم إلى بريدي الإلكتروني، إنني أعطيكم خلاصة تجربتي المهنية، خلال أكثر من ثلاثين عاما، في الصحافة الفلسطينية والعربية والعالمية. أعطيكم ما أفكر وأحس به. وأسكب روحي وفكري وعقلي في المقالات الساخرة والجادة والحكايات الطريفة.
لا أبغي سوى رضاكم. وأقبل بحكمكم ونقدكم.
إخواني: إنني أكتب لكم كل يوم، إن لم اكتب يوما، أعطش، إن لم أكتب لا أتنفس، الكتابة هوائي ومائي، وهي زادي اليومي، وقهوتي الصباحية، وهي اسمي وعنواني، وهي دمي ولحمي، وأهلي وعشيرتي بل هي كل وجودي، بدونها يصبح وجودي بلا معنى.
سعيد الغزالي - القدس المحتلة

تخريب بيت آمنة

آمنة تحلم بالقدس وسلوان وترهب 

تخريب منزل آمنة بضخ الإسمنت في غرفة في قرية سلوان بالقدس، طريقة استخدمت بهدف عدم هدم الغرف الملاصقة، لكن ثقل الإسمنت صدع المنزل الواقع أسفل بيت آمنة، مما جعلة غير صالح للسكن، وشرد عائلة اخرى
حدث الهدم قبل عدة سنوات، واليوم تتعرض سلوان لمخاطر هدم 88 منزلا في حي البستان، بحجة أن الملك او النبي داود كان يتنزه في البستان. والهدم المزمع تنفيذه هو جزء من عمليات تهويد القدس، وبالذات قرية سلوان، التي يسميها اليهود المتطرفون عليها بمدينة داود. ومن يتجول في القرية التي لا تبعد سوى امتار عن السور الجنوبي لمدينة القدس، سيرى الأعلام الإسرائيلية ترفرف على أسطحة عشرات البيوت التي جرى الاستيلاء عليها، بطرق بيع وسمسرة أو بتزييف وثائق. تمارس ضغوط على سكان حي البستان من أجل الرحيل عن بيوتهم، ويعرض عليهم أموال لترحيلهم، إن نجحت إسرائيل في تنفيذ هذا المخطط، ستصبح سلوان مدينة داود السياحية اليهودية، وسيندثر الوجود العربي الإسلامي فيها. 
يقاوم المواطنون في سلوان هذا المخطط بإقامة خيمة اعتصام دائمة في القرية، ويتظاهرون كل يوم جمعة ولكنهم يتعرضون لضغوط أثقل من الجبال من قبل الأمن الإسرائيلي والبلدية والحكومة. اعتقل العشرات من الشبان في القرية، وتجري لهم محاكمات، وفرضت غرامات مالية باهظة على العديد منهم. وتم نفي عشرات الشباب إلى أحياء أخرى في المدينة والضفة الغربية.
هذه القصيدة تتحدث عن امرأة عجوز اسمها آمنه، اعتقل ابنها بتهمة مقاومة الاحتلال، وزج به في السجن، ثم ضخت السلطات الاسمنت في غرفة. 
شعر: سعيد الغزالي- القدس المحتلة

آمنة رغم النقع القاني لم تهزم
هدم البيت لم تهزم
قتل الابن لم تهزم 
ولدت آمنة طفلا ثان لم يهزم
قتل الثاني لم تهزم
سَمّتْ آمنة الابن العاشر موقف
آمنة موقف
قامت منه قيامة حق لن يهدم
***
هل عرفت دار آمنة؟
هل وقفت على أطلالها؟
هل قرأت وجه آمنة؟
لم يأتها الشداد من رمس الكتب
لم ينشد الشعر العظيم
يا دار آمنة بالجواء تكلمي
وعمي صباحا دار آمنة
واسلمي
لم يمر من هنا
أعز مكان في الدنا
لم يزر دارها الخطاب
لم يسل ابن الوليد سيفه
بل جاءها مسيلمة
بقيت آمنة موقف
قامت منه قيامة حق لن يهدم
***
كان وجه آمنة مكبلا بالتأسي
حاملا عقودا من تاريخ القمع
سفك الأنس من الطلع
على مقربة منها
كانت ناقلات الإسمنت تهاجم بالإسمنت
بيت الابنة
تعالى صراخ الصبية ونساء الحي بكين
بكين
حزن آسن لا يشعل نارا في أرض العرب
ولا يبعث فينا عنترة
يا شداد هلم
يا ابن الوليد هلم
حزن يفتك بالنفس
حزن يزحف كجراد
يعصف بالأخضر واليابس
ولا طلع ينبت في أرض العرب
أرض جرداء بلا طلع
والماء كثير
غيث يجري
أنهار تجري
بحار شاسعة
جبال شاهقة وسهول ممتدة
تجري
وتحت التربة نفط ومعادن
والنخل بلا ثمر والناس جياع

***
آمنة تلقى الحزن على أطلال البيت
شيء في الزيتون يبتهج القلب له
هنا يمد الزيتون غصونا على شباك
يتحدى الاسمنت
وجرذانه
شجرة ليمون أخرى مد القمع إليها قضبانه
تسحقها أثقال هائلة من اسمنت القمع
والطلع على الغصن نما
شيء في الوجه تحرك
وجه المرأة كان يحاور يستنجد بالقادر
أن يهدم صرح القمع
***
هل آمنة ترهب!
تحلم بالقدس وسلوان وبعض الكراسات من صحف مطوية
تاريخ وتواريخ وبطولات مروية
آمنة ترهب!
مدي حبال المحبة لسور تهدم
وليس حلالا عليك مد حبال المحبة
لسور تهدم
وليس حلالا عليك سكب التأسي
لسور تهدم
لماذا لبست المطرز؟
لماذا العيون حزينة؟
لماذا ارتكبت الجريمة؟
***
اقترب الوجه حزينا يتأرجح من ثقل القمع
استنجد بالقادر
وملوك العرب في قمتهم
آه آه أين العرب؟
قالت آمنة
آه آة أين العرب؟
لو تعلم آمنة
أبناء السوءة ما أكثرهم عرب
أباحوا القتل بقضاء الأمم المتحدة
مليون قتيل في بغداد
مليون آخر في الكعبة
مليون في أرض الأنباط
مليون في أرض الأقباط
مليون في أرض فلسطين
مليون في عاصمة القتلى
كم عاصمة للقتل لدينا؟
اكتئب الوجه قليلا
وانسكب الدمع سيولا
فلماذا آمنة تحلم بالقدس وسلوان وترهب؟
***
آمنة لها وجه منقوش فيه تاريخ القمع
تندت منه أطلال البيت
وقفت على أطلاله
كان الدمع في مآقيها بلورا يندى
جاءها الهدم
شباك زينه النحت الملهم
هدم
بلاط برقش بخطوط السجاد تحطم
عود نزعت أوتاره
وقميص نشلت أزراره
وكرسي مقعد
عامود رخام هدم
آمنة موقف
قامت منه قيامة حق لن يهدم
***
هنا بيت ليس كمثله بيت
هنا وجه ليس كمثله وجه
فيه التين... والسلق الأخضر
فيه بقايا أثر فرعوني
فيه قناة للماء تجري منذ قرون
فيه سماء زرقاء وحنطة
فيه أولاد في ساحة مدرسة ..
وبساتين
فيه بقايا قصر أموي إلى جانبه ارتفعت أسوار ومآذن
أليس التاريخ هنا صلاة وعبادة؟
حروب وشهادة؟
هنا شادوا
هنا بادوا
هنا هدموا
هنا هدموا
هنا عصفت ريحهم
هنا ذهبت ريحهم
تاريخ يتأجج
تقرأه في مصطبة ورواق سلطاني
هنا سوق للقطانين
هنا ميدان للصوفيين
هنا ذكرى لمعركة
هنا سيف ومتراس
هنا قلم وقرطاس
وكراسات
هنا كتب وديوان ومخطوطات
هنا عبروا
هنا برحوا
هنا بيت ليس كمثله بيت
هنا وجه ليس كمثله وجه
لكن هجرته حساسين الغبطة
كواه ضرام القمع
اختنق القلب منذ سنين
اقتربت من العينين أحدق
هل العينين تهدد أمن إسرائيل ؟
كيف أصدق!
هل فوق الجبين ميدان حرب؟
أين السنجة في رمش العين؟
كيف أصدق!
آمنة تحلم بالقدس وسلوان وترهب
كيف أصدق!
من هدم البيت؟ من شرد كل الأهل؟
آمنة ترهب!
أليس الثوب يحض على العصيان؟
كيف أصدق؟
أليس الزيتون خطر أمني؟
أليست هذي سلوان مدينة داود؟
أليست إسرائيل هنا في هذا المسجد؟
فلماذا آمنة تحلم بالقدس وسلوان وترهب؟
كيف أصدق!
كلاما يبقى الكلام
ولست أصدق
إسرائيل هنا في هذا المسجد
مدينة داود هنا
والهيكل في المسجد
كلاما يبقى الكلام
***
بيت آمنة خطر أمني على إسرائيل
كالزيتون وحجارة سجيل
الخراب الزاحف إلى البيت حنان أمني
حنان أمني
ما أرحمها إسرائيل؟
لم تقتل إلا........
لم تهدم إلا........
لم تقصف إلا........
أقل كثيرا مما ذبح العرب
مما هدموا
***
وجه آخر في الأمم المتحدة لا يأبه بالهدم
وجه يرهب حقا
وجه يتبرز قمعا
ما أقبحه حين يعربد في ماخور التنظير الفكري
تتناسل من فمه الديدان الفكرية
ولسان يلسع كالحيات
ما أقبحه حين يحشد أدران القمع
يجمع قاذورات الذل الفكري
من كل نفايات التاريخ
لا يخجل أن يقتل حلم الحرية في أرض فلسطين
يتبرج بالإفك وضباب النظريات
يبرهن أن القمع سيف مسلول يدعمه البأس
ومقام شرعي في الأمم المتحدة
ما أقبحها هذي الأمم المتحدة
ماخور أممي يبيح الفتك
يسفك حريات الإنسان
ما أقبحها حين تقول
أن الحق بلا بأس إرهاب مخذول
في كل قرارات الأمم المتحدة
ما أقبحها حين تقول
أن الحرب قرار عادل
قتل الأطفال قرار عادل
هدم المدن قرار عادل
مرحى لقرار يمنح للجوع الشرعية
تصدره الأمم المتحدة
مرحى لقرار يسند إرهاب الإرهابيين
يتقلد سيف القتل
يعلن بدء الحرب الشرعية
يؤكد تشريع القتل بالتصويت العلني والتصويت السري
القتل الشرقي مباح
القتل الغربي مباح
قتل بالجوع مباح
قتل بالقصف مباح
قتل بالدين الأمريكي مباح
قتل بالكفر الديني مباح
وهناك هناك القتل الفاخر
آه قتل فاخر
مباح أيضا يجري التصويت عليه
في أروقة الأمم المتحدة
قتل ليس بدائيا
قتل لا يستخدم فيه السيف
قتل لا تستخدم فيه النار
قتل يعمي الأبصار
قتل تموت فيه العصافير
يفنى النخيل
قتل يزرع قتلا في الأرض
يسقط فيه جيل بعد جيل
قتل بلا ضفاف
قتل لا ينتهي به المطاف إلا إلى قتل جديد
تحتضر الشمس والبحارة يموتون
***
آمنة موقف
قامت منه قيامة حق لن يهدم
آمنة تصرخ: إنهض يا ميت

صيحة الديك المقدسي


القدس ماتت، عليها العوض، ومنها العوض
حكايات حنكشتيكا الساخرة
الحلقة 28
سعيد الغزالي- القدس المحتلة
لم  يذق المواطن المقدسي حنكشتيكا طعم الكرى طوال الليل، كان يتقلب في فراشه مهموما، لما آلت إليه أوضاع مدينة القدس، وكان يفكر بما يجري في سلوان القرية المحاذية لسور المدينة، هناك إخطارات بهدم نحو 88 منزلا في حي البستان، وهناك عشرات الأسر المهددة بالتشرد في أي لحظة.
السلطة نايمة على ودانها، ولم يقدم معظم العرب في بلاد العرب أوطاني سوى الشعارات الطنانة لمدينة القدس، وخصصت بعض الميزانيات، ولكنها نهبت من قبل عصابة الذئاب الفاسدة في رام الله، ولم يشعر المواطن المقدسي الذي يسمع طنين الخطابات من الإذاعات ويقرأ الكلام المنمق عن القدس مدينة أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولا يرى شيئا ينقذه مما هو فيه من ألم وبلاء.
كل شيء في القدس كارثي. الاستيطان يتوسع كل يوم فيها كالسرطان، في حي الشيخ جراح، وراس العامود وحي الطور، والبلدة القديمة، وسلوان، يتوسع في الشمال والجنوب والشرق، المدينة محاصرة بالجدار العنصري، والحواجز العسكرية والبوابات الأمنية، يتدهور التعليم في مدارسها، شبابها فقدوا البوصلة الوطنية، وانغمسوا في المخدرات،  لم يعد هناك أي وجود وطني في المدينة. مدينة محاصرة اقتصاديا، معزولة تماما عن عمقها الاستراتيجي في الضفة الغربية.
كانت الأفكار تدور وتتصارع في رأسه، وكأنها جنودا تقاتل جنودا في ميدان معركة، فكرة تكر واخرى تفر. ثالثة تراوغ، ورابعة تجذف. خامسة تهتف، وسادسة تخلط الأوراق. سابعة تبعث في قلبه الأمل، فتطيح بها الفكرة المسلحة بسلاح إحباط من نوع ثقيل. لا تكاد تنتصر فكرة على أخرى، حتى تنبري ثالثة وتسفه الفكرتين معا، فيحتار حنكشتيكا، أي فكرة يصدق؟ وأي أخرى يكذب؟
أحس بأن رأسه يكاد ينفجر، ولم يعد عقله يستوعب هذه التناقضات، فركب حماره في الصباح وتوجه إلى منزل أبي معروف في الطابق العاشر، في بناية التلهوني، في بلدة الرام شمال مدينة القدس.
رن جرس الهاتف، فنهض أبو معروف من فراشه، وفتح الباب، واندهش من قدوم حنكشتيكا لزيارته في الساعة السابعة صباحا، وكان لا يزال يرتدي منامته، بيد أنه رحب به، وأكرم وفادته، وقدم له كوبا من الشاي. 
حنكشتيكا: أنا مش فاهم. ليش السلطة مهملة مدينة القدس؟
تفاجأ أبو معروف بهذا السؤال، وكان واقفا أمام حنكشتيكا، فجلس منهارا على الكنباية، تحت وطأة السؤال.  وقال: شو صار بعقلك يا حنكشتيكا، قلقان. هلا تذكرت أن السلطة مهملة القدس، ريح راسك وسيب الامور تمشي واللي بيصير يصير. بيفرجها ربك.
رد حنكشتيكا بإصرار: فهمني يا زلمه، هل السلطة بتقبض باليورو ولا الدولار؟
أبو معروف: على شو؟
حنكشتيكا: ثمن الإهمال. إهمال متعمد. أي اللي بيصير في القدس كل يوم بجنن، بطلت فاهم راسي من أساسي.
أبو معروف: يعني إنت فاكر، إنو أنا فاهم شو اللي بيصير. بس بدك نخبص بالسياسة عا هالصبح. ليش لا. بنخبص، يمكن تزبط معانا.
حنكشتيكا: حيرتني، يا زلمه، أنا ما بدي أسمع تخبيص. بدي أعرف إذا كانت السلطة بتقبض منشان تسكت عا اللي بيصير.
أبو معروف: يعني بدك تقول أنها تقبض من أمريكا ولا من إسرائيل؟
حنكشتيكا: مش بعيدة.. وليش ما تكونش تقبض!
أبو معروف: عندك دليل؟
 حنكشتيكا: أي كل إشي انا بحكيه، لازم أجيب دليل، أي ما هي باينة زي الشمس. شوف شو اللي بيصر في سلوان. كل يوم جمعة بتصير مظاهرة، بتجي قوات حرس الحدود، بطخ وتضرب غاز مسيل للدموع، وفي الليل الجيش يقتحم البيوت ويعتقل الشباب. والسلطة ساكته. شو الجرافات بتجي على البيوت غير المرخصة وبتهدمها. شوف كم بيت انهدم في العيسوية. الناس مخنوقة. وين تروح تسكن. والشباب ما في إلهم بيوت. إذا كان واحد بدو يشتري أرض ولا بيت، يمكن ميزانية الصين ما بتكفهوش.



Thursday, April 28, 2011

نسي حنكشتيكا تسليم التقرير إلى سفير دولة زيوناز





حكايات حنكشتيكا الساخرة
حلقة رقم 27
سعيد الغزالي- القدس المحتلة

وضع ابو معروف تقرير إحدى المؤسسات المختصة بمراقبة النشاطات الإستيطانية الصهيونية في مدينة القدس المحتلة أمام حنكشتيكا، الذي ارتدى عباءة الرئيس الفلسطيني وجلس في مكتبه في رام الله، منتظرا قدوم سفير دولة زيوناز.
بعد لحظات، وصل أبو معروف، مدير مكتبه، وبيده تقرير، بنسختيه باللغتين العربية والإنجليزية. وضعهما أمام حنكشتيكا، الذي نظر إليهما نظرة اشمئزاز وكراهية، وكأنه يراقب ثعبانا يقترب منه ليلدغه، فأبعدهما عنه جانبا بحركة لا إرادية، وتلهى بقراءة الأبراج.
أبو معروف: إقرأ يا سيدي هذا التقرير عن الاستيطان في مدينة القدس صدرا اليوم وأرسلا إلى مكتبك
حنكشتيكا: ليس لديّ وقت لقراءة أي شيء، أنا مشغول، لدي لقاء مهم مع سفير دولة زيوناز
أبو معروف بسخرية: ولكنك سيدي تقرأ الأبراج. لعل في الأبراج شيء مفيد لقضية القدس.
حنكشتيكا: نعم، مفيد جدا. برج الجوزاء يقول لي أنني أحب المناقشة والجدال، رغم أنني لا احب ذلك أبدا. أخشى أن
أضطر إلى خوض جدال معك، بسبب هذا التقرير اللعين الذي سيخفض من معنوياتي ويجعلني غير منشرح الصدر في لقاءي بسفير دولة زيوناز. سيضر ذلك بمصلحة البلد.
لم يسمع أبو معروف بدولة زيوناز، ولم يحب أن يسأل حنكشتيكا عنها، لئلا يظن الأخير أنه جاهل بالجغرافيا الدولية، ولا يعرف أنه يوجد في العالم دولة تسمى زيوناز. وتساءل في نفسه، لعل هذه الدولة مفيدة، ولعلها تساعد الرئيس في مواجهة النتائج الخطيرة المترتبة على هذا التقرير. أخذ يحك راسه ويلعن ذاكرته، وقال في نفسه: نعم، نعم، إنها الدولة إياها التي لا يتوقف حنكشتيكا عن الاتصال بسفيرها كل يوم، ولا تتوقف وفودها عن زيارة مكتبه لمناقشة الأوضاع الراهنة.  
أبو معروف: هذا يعني أنه يجب أن تقرأ التقرير بسرعة، لتطلع سفير زيوناز على محتواه.
فكر حنكشتيكا بالأمر، وحك رأسه، وقال في نفسه، ليس لدي موضوع أبحثه مع السفير، وربما تكون مادة هذا التقرير موضوعا مهما أعرضه عليه. التفت إلى أبي معروف، وطلب منه أن يقدم ملخصا شفهيا عما جاء فيه.
سُر أبو معروف باهتمام حنكشتيكا بالتقرير، بعد أن لاحظ اشمئزازه منه، وقال: التقرير، سيدي، يتناول إقامة نفق يصل بين الجزء الجنوبيّ والجزء الغربي من "المدينة اليهودية التاريخية" التي قامت ببنائها الحكومة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى وأسفله.
تفاجأ حنكشتيكا بذلك، ولكنه قال متبرما: سفير دولة زيوناز لا يحب مثل هذه المواضيع.
أبو معروف: لكن، سيدي، هذا واجبك، إن دولة زيوناز هي الدولة الوحيدة القادرة على لجم الاحتلال ومنعه من الاستيطان. وأنت تعرف أن رئيسها يتعاطف معك، وربما إن كشفت له الحقائق سيبدي لك تعاطفا أكثر.
حنكشتيكا، وقد فرغ صبره: اذكر، باختصار، الأفكار الرئيسة في هذا التقرير، لأرى إن كان صالحا ليكون موضوع البحث أو أطرح موضوعا آخر.
أبو معروف: سيدي، ماذا تنتظر، يجب أن تقوم بعمل ما، لقد انتهى بناء المدينة اليهودية. إن لم نفعل شيئا، وننبه "بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان" ستصبح مدينة القدس وما فوقها وما تحتها مدينة يهودية.
حنكشتيكا: سأُخبر أولا سفير دولة زيوناز، إن وافق على تعميم هذه المعلومات، سنبلغ أشقاءنا الرؤساء في بلاد العرب أوطاني. سنبلغ رئيس نجد واليمن والشام وتطوان. هيا ليس لدي متسع وقت لنتحدث اكثر عما ممكن أن افعله.  
أبو معروف: المدينة اليهودية أصبحت شبه مكتملة، ومتصلة الأطراف بشكل مباشر، وستبدأ الحكومة الإسرائيلية بتنظيم الزيارات السياحية إليها، وستدعو الوفود والزوار من جميع أنحاء العالم إلى زيارتها. سيقومون بجولاتهم داخل المدينة اليهودية دون احتكاك بالمقدسيين.  
حنكشتيكا: لا تذكر اسم هؤلاء المقدسيين. أنا لا احبهم.
ابو معروف: إن الإحتلال يقمعهم ويعطل حياتهم، ويمنعهم من البناء، ويفرض عليهم الضرائب الباهظة، إن حياتهم تحولت إلى جحيم ولم نفعل شيئا من أجلهم. وهذا واجب علينا.
حنكشتيكا: طبعا، هذا واجبنا. سأفكر في الموضوع.
أبو معروف: اطلب من سفير دولة زيوناز أن يقدم معونة لزيادة الميزانية المخصصة لدعم صمودهم. تذكرت أن هناك ميزانية خصصتها بعض الدول من "بلاد العرب أوطاني" للمدينة، كيف أنفقتم هذه الميزانية، هل دعمتم إقامة مشاريع إسكان في المدينة.
حنكشتيكا: نعم، هذا صحيح. هناك ميزانية مخصصة للإسكان، ونشاطات أخرى، لكن لم يبق منها أي فلس أحمر.
أبو معروف: لم يبق أي فلس أحمر. أين ذهبت الأموال؟
حنكشتيكا: أنفقناها على مباحثات السلام والتقارير السابقة التي أعدها الخبراء في وزاراتنا عن الاستيطان. وكان التقرير رائعا. ألم تقرأه؟
أبو معروف: بلى، قرأته. شعرب بإحباط شديد. ذهب فندق شبرد مع الريح، ويجري التحضير لبناء 70 وحدة استيطانية في أرض الفندق. تم إقرار بناء أكثر من 1500 وحدة استيطانية في مستوطنتي جيلو جنوب القدس وبسغات زئيف شمالها. وهناك خطط لإقامة أكثر من ثلاثمئة وحدة استيطانية في حي الشيخ جراح، ليس بعيدا عن سور المدينة.
حنكشتيكا: أنت تعرف أننا تابعنا هذا الاستيطانن ورفعنا التقرير إلى رئيس دولة زيوناز. وقام الرئيس الزيونازي مشكورا بالضغط على إسرائيل.
أبومعروف: نعم أتذكر ذلك، لقد ضغط بخفة وحنان، ثم ندم على ما فعل، وتوقف عن الضغط. بدأت إسرائيل ببناء قاعدة عسكرية للجيش الإسرائيلي شمال شرق المدينة، في إطار خطتها لنقل كافة المقرات المركزية لمؤسسات الدولة إلى القدس الشرقية. كيف ستكون المدينة خلال بضعة أشهر أو سنوات، أعتقد أن مشروع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس انتهى ومات. الله يرحمها، لم تولد بعد حتى نترحم عليها، ماتت وهي جنين لم يكتمل نموه، ورئيس دولة زيوناز لا يفعل شيئا.  
حنكشتيكا: لا يمكن أن ننكر أن موقفه إنجاز لنا. لأول مرة، يقوم الرئيس الزيونازي بالضغط على إسرائيل. لا تنسى أيضا موقفنا، لقد أصدرنا بيانات الإدانة، وطلبنا من بعض الدول الشقيقة في بلاد العرب أوطاني أن تدين الاستيطان. وقد فعلوا ذلك مشكورين.  
أبو معروف: لا يمكن تسمية ذلك إنجازات.
وصل في تلك اللحظة سفير دولة زيوناز. فخرج حنكشتيكا من مكتبه بسرعة، متعثرا بخطواته، ونسي أن يأخذ التقرير المفصل عن الاستيطان في مدينة القدس.